المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

247


إلاّ بنكتة: أنّ زوال الشمس شرط أو سبب، وكذلك في المانع كالحيض مثلاً الذي هو مانع عن وجوب الصلاة.

وهنا الشيخ المشكيني الذي علّق على الكفاية يترجم كلام صاحب الكفاية، حيث قد يبدو عطف المانع على الشرط والسبب غريباً، فكون وجوب الصلاة متأخّراً عن الزوال أمر مفهوم، أمّا كون وجوب الصلاة متأخّراً عن الحيض فهو أمر غير مفهوم؛ فإنّ الحيض ينهي ويبطل الصلاة، فكيف يكون وجوب الصلاة متأخّراً عن الحيض؟! الشيخ المشكيني يقول: هذا معناه أنّ وجوب الصلاة بما أنّه كان متأخّراً عن عدم الحيض باعتبار أنّ عدم المانع شرط فوجوب الصلاة متأخّر عن عدم الحيض، وبما أنّ عدم الحيض والحيض نقيضان، والنقيضان في رتبة واحدة،فالمتأخّر عن أحد النقيضين متأخر عن النقيض الآخر، فوجوب الصلاة إذن متأخّر عن الحيض؛ لأنّه متأخّر عن عدم الحيض، وعدم الحيض مع الحيض نقيضان، أو اعكس الأمر وقل: إنّ عدم وجوب الصلاة متأخّر عن الحيض؛ لأنّ الحيض يفني وجوب الصلاة، فعدم وجوب الصلاة متأخّر عن الحيض، وعدم وجوب الصلاة مع وجوب الصلاة نقيضان، والنقيضان في رتبة واحدة؛ فإذن وجوب الصلاة متأخّر عن الحيض، الشيخ المشكيني يذكر شيئاً من هذا القبيل في المقام لتوجيه كلام صاحب الكفاية.

ولو كان هذا هو مقصود صاحب الكفاية يرد عليه إشكال: بأننا لا نقبل مبدأ: أنّ ما مع المتقدّم متقدّم وما مع المتأخّر متأخر، أو أنّ النقيضين في رتبة واحدة.

وإنّني اساساً لا أظنّ أنّ مقصود صاحب الكفاية هذا المعنى، وأظنّ أنّ مقصود صاحب الكفاية هو أنّ عدم وجوب الصلاة متأخّر عن الحيض؛ إذن لا يمكن أن تكون مانعيّة الحيض منتزعة عن عدم الوجوب، ولا معنى لافتراض أنّ مانعيّة الحيض منتزعة عن وجوب الصلاة كما كنّا نفترض أنّ شرطيّة زوال الشمس منتزعة عن وجوب الصلاة، فقال لنا الآخوند: إنّ شرطيّة زوال الشمس لا يمكن أن تكون منتزعة عن وجوب الصلاة؛ لأنّ وجوب الصلاة متأخّر رتبة عن زوال الشمس، هنا ـ أيضاً ـ لو كنّا نتخيّل أنّ مانعيّة الحيض منتزعة عن وجوب الصلاة يأتي الآخوند ويقول لنا: لا يمكن هذا؛ لأنّ وجوب الصلاة متأخّر، ولكن لا يظنّ بأحد أن يتخيّل أنّ مانعيّة الحيض منتزعة عن وجوب الصلاة، بل المناسب إنّما هو القول بأنّ مانعيّة الحيض منتزعة عن عدم وجوب الصلاة لدى الحيض، فيقول الآخوند: إنّه لا يمكن أن تكون مانعيّة الحيض منتزعة عن عدم وجوب الصلاة لدى الحيض؛ لأنّ عدم وجوب الصلاة متأخّر رتبة عن الحيض، وهذا التأخّر الرتبي نتيجة المانعيّة، فكيف تكون المانعيّة منتزعة عن عدم وجوب الصلاة، فلا حاجة بنا أن نمرّ بتلك المباني، مباني: أنّ النقيضين في رتبة واحدة، أو ما مع المتقدّم متقدّم، أو ما مع المتأخّر متأخّر، هذا هو الوجه الأوّل من وجهي الشيخ الآخوند(رحمه الله).

الدليل الثاني للشيخ الخراساني:

أمّا الوجه الثاني من الوجهين الواردين في الكفاية وهو يريد أن يبطل به كلا الشقّين، أي: إنّ هذه الأحكام السببيّة والمانعيّة والشرطيّة بالنسبة لأصل التكليف لا هي مجعولة جعلاً مستقلاًّ، ولا هي مجعولة جعلاً تبعياً، فهو أنّه لو لم تكن هناك نكتة تكوينيّة وهي عبارة عن الملاكات الأصليّة التكوينيّة التي جعلت زوال الشمس سبباً