المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

238

والذي ذكره(قدس سره) في تعليقته على الرسائل غير هذا، فإمّا إنّ ظاهر عبارة الكفاية غير مقصود، وإنّما المقصود ما ذكره في تعليقته على الرسائل. وإمّا إنّ هنا تهافتاً بين المقصودين، وسوف نذكر ما ذكره في التعليقة في الصياغة الثالثة ـ إن شاء الله ـ.

وأورد المحقّق العراقي(رحمه الله) على ما يستفاد من الكفاية بما مضى من أنّ هذا هدم لمبناه من كون مصحّح استعمال النقض هو استحكام اليقين، فإنّ المفروض أنّ اليقين لوحظ فانياً في المتيقّن ومرآة له، إذن فلا بدّ من فرض استحكام في المتيقّن(1).

وأجاب على هذا الإيراد بما مضى عنه من أنّ المتيقّن اكتسب لون اليقين الفاني فيه، كما أنّ السراج يكتسب لون الزجاجة الملتفّة حوله(2).

أقول: إنّ قياسه(قدس سره) للمقام بمثال السراج في غير محلّه، فإنّ مثال السراج مرتبط بالتأثيرات التكوينية في عالم الحسّ الخارجي، فنور السراج يكتسب تكويناً ذبذبة معيّنة، فتؤثر صورة في شبكة العين تكويناً، ونسمّيها باللون الفلاني، وأين هذا من الفناء الذهني وكون المفنّي فيه يكتسب بحسب عالم الذهن لون الفاني أو لا؟! وكيف يمكن الاستشهاد على الاكتساب باكتساب تكويني يقع خارجاً في عالم الطبيعة غير مرتبط بباب الفناء الذهني؟! هذا حال الاستشهاد الذي ذكره.

وأمّا تحقيق الكلام في أصل ما أفاده(رحمه الله) فهو: أنّه ليس المفنيّ فيه في باب الفناء الذهني يكتسب لون الفاني، وإنّما الفاني يكتسب لون المفنيّ فيه، وتوضيحه يكون بتوضيح معنى الفناء المعقول، فنقول: إنّه لو صار البناء على التدقيق في العبارة التي تقال من أنّ العنوان الفلاني لوحظ فانياً في معنونه، فقد يبدو في النظر تهافت في هذا الكلام؛ إذ معنى قولنا:«لوحظ» أنّه وجد بالوجود اللحاظي، ومعنى قولنا:«فانياً» أنّه ليس له وجود في عالم اللحاظ والالتفات، وهذا تناقض وتهافت. والتحقيق: أنّ المعنى المعقول لهذا الكلام هو أنّ العنوان الموجود في الذهن كعنوان الإنسان مثلاً الموجود في الذهن تارة يلحظ واقعه وحقيقته بالحمل الشائع، فيُرى أنّه حالة ذهنية، وأنّه جزء من المتصورّ بهذا العنوان، واُخرى يلحظ عنوانه بالحمل الأوّلي لا واقعه وحقيقته، فيُرى أنّه إنسان خارجي تصدق عليه الحيوانية والناطقية، ومعنى الفناء هو أن نلحظ ما يمكن فيه هذا اللحاظان بالحمل الاوّلي،


(1) مضى مصدر الكلام آنفاً.

(2) مضى مصدر الكلام آنفاً.