المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

23

فأوّلاً: نأخذ الفرض الأوّل وهو الإبقاء العمليّ، و نقول: إنْ كان العقل يدرك لزوم الإبقاء العملي كما أدرك بقاء الحالة السابقة ظنّاً، فقد انسجم التعريف مع فرض كون مدرك الاستصحاب هو العقل، وإنْ لم يكن يدرك ذلك فلا معنى لجعل مدرك حجّيّة الاستصحاب العقل.

وثانياً: نأخذ الفرض الثاني وهو البقاء الحكمي و نقول:

أوّلاً: إنّنا نقصد ببناء العقلاء بناءهم بما هم موالي بالنسبة لعبيدهم، والعقلاء بما هم موالي لهم أحكام.

وثانياً: إنّ بناء العقلاء بما هو ليس حجّة، وإنّما حجّيّته بملاك الكشف عن حكم الشارع على وفقه، فينسجم التعريف مع كون المدرك هو بناء العقلاء.

وعلى أيّة حال، فإن اُريد بتعريف الاستصحاب تعريف ما سمّاه الأصحاب بالاستصحاب، فهو مربوط بالتتبع في كلماتهم، وقد نظفر بمصطلحات عديدة في ذلك متخالفة و متطوّرة في تأريخ هذا البحث، وإن اُريد بذلك ذكر شيء يصلح أن يكون محوراً للبحث في هذا المقام على جميع أدلّة الاستصحاب، وعلى جميع المباني فيه، ككونه أمارة وعدم كونه أمارة ونحو ذلك، قلنا: إنّ ذلك عبارة عن مرجعيّة الحالة السابقة.

وقد عدلنا عن التعبير بإبقاء ما كان إلى هذا التعبير لما في ذاك التعبير من إجمال في المراد من الإبقاء، فلو كان هو الإبقاء العملي فالاستصحاب ليس هو العمل، ولو كان المراد الحكم بالبقاء فالاستصحاب على بعض المباني شيء ادركه العقل، كحجّيّة الظنّ على الحكومة، وليس حكماً شرعياً، إلاّ أن يقصد بالإبقاء معنىً وسيع، فيقال: إنّ الحكم العقليّ ـ أيضاً ـ نوع إبقاء، ولو كان المراد هو مرجعيّة الحالة السابقة فهي التي ذكرناها.