المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

229

اُستاذه بالتغافل عن الزمان(1).

ويرد عليه: أنّ هذا معناه إرجاع مفاد الحديث إلى قاعدة اليقين لا إلى الاستصحاب؛ فإنّه إذا فرض أنّ الحديث لا يلتفت إلى خصوصيّة الزمان وكون اليقين بالحصّة الحدوثيّة والشكّ في الحصّة البقائيّة، وإنّما يفرض شيئاً واحداً حصل العلم به ثمّ حصل الشكّ فيه من دون تعدّد بين المتيقّن والمشكوك حتّى بلحاظ الزمان، إذن فهذا مصداقه الذي يكون مصداقاً له حقيقة وعرفاً هو مورد قاعدة اليقين، غاية الأمر أن يفرض الاستصحاب ـ أيضاً ـ فرداً مسامحيّاً عرفيّاً لتلك القاعدة باعتبار المسامحة بلحاظ الزمان، وفرض المشكوك عين المتيقن حتّى من هذه الناحية.

وأمّا الاحتمال الثالث فلا نذكره الآن، ولا ينطبق على عبارته(قدس سره)، وهو في الحقيقة نفس مختارنا في مقام إبطال هذا الدليل الأوّل على عدم حجيّة الاستصحاب في الشكّ في المقتضي، فنؤجّله إلى ذكر المختار.

والتحقيق في المقام: أنّ هذا الدليل الأوّل يرجع بروحه إلى إرجاع مفاد حديث الاستصحاب ـ أيضاً ـ إلى قاعدة اليقين؛ لأنّه قد فرض أنّ الحديث يفترض وحدة المتيقّن والمشكوك، إلاّ أنّه فرض وجود المقتضي وحدة عنائيّة، إذن فالحديث يدلّ على قاعدة اليقين، وجعل قاعدة المقتضي والمانع، فرداً عنائياً لها، وبكلمة اُخرى: إنّنا لو قلنا بأنّ وحدة المتيقّن والمشكوك تكون بلحاظ اليقين بالمقتضي الذي هو بالمسامحة يقين بالمقتضى، إذن فهذه العناية بعينها موجودة في موارد العلم بالمقتضي والشكّ في المقتضى ابتداءً وبغض النظر عن العلم بالحدوث، وفي الحقيقة قد أصبح رُكنا الاستصحاب عبارة عن الشكّ في الشيء واليقين بمقتضيه، وهذه هي قاعدة المقتضي والمانع.

وقد ظهر: أنّ مقتضى هذا الدليل ليس هو حجّيّة الاستصحاب ولو من باب فرضه فرداً عنائياً ومسامحياً لقاعدة اليقين مثلاً، وإنّما مقتضاه حجّيّة قاعدة اليقين، وجعل قاعدة المقتضي والمانع فرداً عنائياً لها مع بيان: أنّ قاعدة المقتضي تنطبق على بعض موارد الاستصحاب.

وحلّ المطلب هو أنّ هذا الدليل الأوّل موقوف على تسليم أصل ظهور دليل


(1) قد ورد في نهاية الأفكار، القسم الأوّل من الجزء الرابع، ص 84 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، التعبير بالتغافل عن التقطيع الزمني.