المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

220

 

 

 

التفصيل بين الحكم الشرعي الثابت بحكم العقل والثابت

بدليل شرعي:

 

وأمّا التفصيل الثاني ـ وهو التفصيل بين حكم الشرع المستفاد عن طريق حكم العقل وحكم الشرع المستفاد بدليل لفظي ونحوه، وهو الذي ذهب إليه الشيخ الأعظم(قدس سره)(1)، ووافقه السيّد الاُستاذ في الجملة(2)، وخالفه أكثر المحقّقين المتأخّرين، فمجموع ما يستفاد من الكلمات في تقريب ذلك وجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: أنّ حكم الشرع هنا تابع لحكم العقل، ويكون بملاك حكم العقل، وملازماً له، وحيث إنّ حكم العقل لا يقع فيه الشكّ؛ إذ الحاكم لا يشكّ في حكمه، فلا يقع ـ أيضاً ـ شكّ في حكم الشرع الذي يكون بملاكه.

وهذا الوجه ينبغي أن يكون مختصّاً بالحكم الشرعي المستفاد من باب تبعيّة الحكم الشرعي لأحكام العقل العملي، ولا يجري في الحكم الشرعي المستفاد عن طريق العقل النظري المدرك لمصلحة أو مفسدة لزوميّة؛ لوضوح أنّ بالإمكان أن يدرك العقل النظري وجود مصلحة او مفسدة في شيء ويشكّ في حدود وجود تلك المصلحة أو المفسدة، وحيث إنّ الحكم الشرعي إنّما هو تابع لتلك المصلحة أو المفسدة، فلا محالة يقع الشكّ فيه، وإنّما هناك مجال للتوهم بلحاظ أحكام العقل العملي، بأن يقال مثلاً: إنّها مجعولة للعقلاء، والعقلاء لا يشكّون في جعلهم، أو إنها أحكام ذاتيّة للعقل موجودة في اُفق العقل فقط، كما ذهب إليه المحقق الخراساني(رحمه الله) في تعليقته على الرسائل(3)، فلا يتصوّر الشكّ فيها.

وتحقيق الكلام في المقام بلحاظ أحكام العقل العملي هو: أنّه يوجد في تحقيق حقيقة أحكام العقل العملي مباني أربعة، ونحن نذكرها هنا من دون الكلام في تحقيق ما هو الصحيح


(1) راجع الرسائل: ص 325 ـ 326 حسب الطبعة المشتملة على تعليقة رحمة الله، وكذلك راجع ص 378 ـ 379 من نفس الطبعة.

(2) يستفاد من المصباح عدم ارتضاء السيّد الخوئي لهذا التفصيل إطلاقاً، راجع المصباح ج 3، ص 35 ـ 36.

(3) راجع فوائد الشيخ الخراساني ص 330 بحسب ما أُلحق في الطبع بتعليقه على الرسائل.