أنّ العرف يتسامح في المقام إذن لا يجري إلاّ استصحاب البقاء بلحاظ الحمل الأوّلي دون استصحاب العدم بلحاظ الحمل الشائع، وبلُغَة السيّد الاُستاذ: يجري استصحاب بقاء المجعول لا استصحاب عدم الجعل.
ولو مُلِئت بالوجه الأوّل أو الثاني بأن قيل بجريان استصحاب المجعول بأحد التقريبين الأوّلين، أي: إنّه فرض مجعول في مقابل الجعل، أو عالم اتّصاف في مقابل عالم العروض قلنا:
أوّلاً: إنّ الوجهين الأوّلين غير صحيحين كما مضى بيانه.
وثانياً: إنّه لو سلّمنا صحتهما وقلنا بالتفكيك بين الجعل والمجعول، أو ظرف العروض وظرف الاتّصاف، قلنا: هل الثاني وهو المجعول أو الاتّصاف مترتّب على الأوّل وهو الجعل أو العروض ترتّباً شرعيّاً، أو إنّه لا يكون بينهما ترتّب شرعيّ كما هو الصحيح؟ فإن قال السيّد الاُستاذ بالأوّل قلنا: إذن لو جرى الاستصحابان كان استصحاب عدم الجعل مثلاً حاكماً على استصحاب بقاء المجعول، ولا معنىً للتعارض بينهما. وإن قال بالثاني قلنا: هل التنجيز العقلي مترتّب على الجعل مثلاً، أو على المجعول، أو على كلّ منهما، أو على مجموعهما المركّب؟
فإن قيل بالأوّل كما هو ظاهر كلامه فلا معنىً لاستصحاب بقاء المجعول؛ إذ لا أثر له، ولا يثبت بالملازمة بقاء الجعل؛ لعدم حجّيّة مثبتات الاستصحاب.
وإن قيل بالثاني كما ذهب إليه المحقّق النائيني(رحمه الله) فلا معنىً لاستصحاب عدم الجعل؛ إذ لا أثر له، ولا يثبت عدم المجعول لما فرضنا من عدم ترتّب شرعي بينهما، ولا يمكن التعويل على مثبتات الاُصول.
وإن قيل بالثالث فالاستصحابان يجريان بلا معارضة بينهما، فإنّ استصحاب عدم الجعل إنّما ينفي التنجيز من ناحية الجعل ويؤمّن بهذا المقدار، وهذا لا ينافي التنجيز من ناحية المجعول.
وإن قيل بالرابع كان العمل على طبق استصحاب عدم الجعل؛ لأنّ التنجيز إنّما يترتّب على المجموع المركّب من الجعل والمجعول، والمركب ينتفي بانتفاء أحد جزئيه.
وثالثاً: أنّ الوجهين الأوّلين وما يجري مجراهما مقتضاها ـ على ما عرفت ـ هو إجراء الاستصحاب عند تحقّق الموضوع خارجاً لا قبله، وعليه يمكن أن يسجّل على السيّد الاُستاذ ولو على مبانيه أحد الإشكالات التي أجاب عنها في البحث، وهو ما مضى من الإشكال بأنّ استصحاب عدم جعل وجوب الجلوس مثلاً، أو استصحاب عدم جعل