الجعل، أي: جعل الوجوب ولو من باب تعلق الجعل بما ينطبق على هذه الحصّة أيضاً، أو لا؟
وبكلمة اُخرى: أنّنا لو احتملنا الجعل للساعة الثانية بنحو الجعل الناظر إلى الساعات بعناوينها التفصيلية، استصحبنا عدم الجعل الزائد، ولو احتملنا شمول الجعل للساعة الثانية بسبب تعلّقه بعنوان غير مقيّد بالساعة الاُولى، استصحبنا عدم جعل من هذا القبيل، ولا يعارضه استصحاب عدم الجعل على المقيّد بالساعة الاُولى؛ إذ لا أثر لهذا الاستصحاب؛ لأنّه إن اُريد به نفي وجوب الجلوس في الساعة الاولى فوجوب الجلوس فيها مقطوع به. وإن اُريد به إثبات تعلّق الجعل بالمطلق فهذا تعويل على الأصل المثبت.
النكتة الثالثة: أورد بعض على فرضيّة تعارض استصحاب المجعول واستصحاب عدم الجعل أنّه لا تعارض بين الاستصحابين، فإنّ استصحاب المجعول يثبت إطلاق المجعول للساعة الثانية، واستصحاب عدم الجعل ينفي جعلاً ثابتاً على الساعة الثانية، وهذان ليسا متنافيين(1).
أقول: إنّ استصحاب المجعول لا يثبت إطلاق المجعول للساعة الثانية، وإنّما يثبت إجمالاً بقاء المجعول، وهو وإن كان مستلزماً عقلاً لكون الحكم هو الحكم المطلق حتّى يعقل بقاؤه، لكنّه لا يثبت بهذا إطلاقه إلاّ بناءً على الأصل المثبت، وليس استصحاب عدم الجعل نافياً للجعل الثابت على الساعة الثانية بالخصوص، بل ـ كما عرفت ـ ينفي احتمال جعل مطلق شامل للساعة الثانية.
بقي الكلام في تحقيق أصل المطلب فنقول: إنّ منطقة الفراغ في كلام السيّد الاُستاذ هي تحقيق حال أصل استصحاب المجعول، حيث قد فرغ عن صحّة هذا الاستصحاب في نفسه ولم يبحث عنه شيئاً، وبنى على إبطاله بالمعارضة مع استصحاب عدم الجعل، كما لم يبحث عنه أحد قبله ـ أيضاً ـ فيمن أعلم عدا المحقّق العراقي(رحمه الله) الذي استعرض إشكالاً في المقام، ولكن هنا إشكالاً آخر لم أَرَ من تعرّض له، فنحن نتعرّض له، ونتكلّم في حُلولِه، فنرى أنّه
(1) لم أرَ أحداً اعترض بهذا الاعتراض على التعارض بين استصحاب المجعول واستصحاب عدم الجعل. نعم، السيّد الإمام(رحمه الله) اعترض على الصيغة النراقية بأنّ موضوع الاستصحابين إن كان واحداً فلا يوجد استصحابان حتّى يتعارضا، فالموضوع إمّا هو ذات الجلوس فيجري استصحاب وجوبه فحسب، أو جلوس الساعة الثانية بقيد الساعة الثانية فيجري استصحاب عدمه فحسب، وإن كان متعدّداً بأنْ استصحبنا وجوب ذات الجلوس وعدم وجوب جلوس الساعة الثانية بقيد الساعة الثانية، فهما ليسا متعارضين. راجع الرسائل للسيد الإمام الخميني(رحمه الله)ص 163 ـ 164.