لحاظ المولى إلى الجعل كنسبة حياته مثلاً إليه يكون شرطاً تكوينياً في الجعل، ولا أثر لاستصحاب عدمه، وإنّما يقصد استصحاب عدم نفس الجعل.
النكتة الثانية: أنّه يمكن الاستشكال في كلام السيّد الاُستاذ بأنّه قد لا يوجد مجال لاستصحاب عدم الجعل الزائد؛ إذ لا معنى لافتراض قلّة وكثرة في عالم الجعل إلاّ بنحوين:
الأوّل: أن تفرض في المقام جعول متعدّدة مستقلة، ويقطع ببعضها ويشكّ في بعض آخر، فيُجرى استصحاب عدم الجعل الزائد. وهذا خلاف الفرض، ولو فرضت جعول متعدّدة إذن لأصبحت المجعولات ـ أيضاً ـ متعددة، فإنّ تعدّد الجعل يستتبع ـ لا محالة ـ تعدّد المجعول، وعندئذ لا معنى لاستصحاب بقاء المجعول.
والثاني: أن يفرض في المقام جعل واحد تعلّق بالحصص بشكل تفصيلي، كأن يكون مثلاً على صيغة(اجلس في الساعة الاُولى وفي الساعة الثانية وفي الساعة الثالثة إلخ) فهذا الجعل الواحد يدور أمره بين الزائد والناقص على حدّ دوران أمر التصور المتعلّق بأشياء بعناوينها التفصيلية بين الزائد والناقص، فيجري استصحاب عدم المقدار الزائد، حيث إنّ الجعل الزائد والجعل الناقص وإن كانا بحدودهما متباينين، لكن ذات الجعلين بغضّ النظر عن الحدّين يدخلان في الأقلّ والأكثر، فيستصحب عدم المقدار الزائد، وهذا من قبيل أنّ الأقلّ والأكثر الارتباطيّين يكونان بحدودهما متباينين، وبذاتهما أقلّ وأكثر.
إلاّ أنّ الجعل إذا كان بصيغة الإطلاق لم يرد فيه هذا الكلام، لأنّ الإطلاق لا يُري الحصص تفصيلياً، وإنّما هو رفض للقيود، إذن فليس الأمر في ذات الجعلين دائراً بين الأقلّ والأكثر، وإنّما الأمر دائر بين المتباينين، فما معنى استصحاب عدم الجعل الزائد؟! وكذلك إذا كان الجعل بصيغة العموم، فإنّ العموم لا ينظر إلى الحصص بعناوينها التفصيلية، وإنّما ينظر إليها بعنوان إجمالي، فأيضاً ليس الأمر دائراً بين الأقلّ والأكثر. وقد تبيّن بذلك: أنّه لا موضوع لاستصحاب عدم الجعل الزائد، ولا استصحاب عدم اللحاظ الزائد(بغضّ النظر عمّا مضى في النكتة الاُولى من الإشكال على استصحاب عدم اللحاظ).
وهذا الإشكال ينشأ من الصيغة المدرسية التي أعطاها السيّد الاُستاذ في بحثه في تقريب مرامه من أنّ طول المجعول وقصره يساوق كثرة الجعل وقلّته، فيستصحب عدم الجعل الزائد.
ولكن حاقّ مقصوده ـ ولو بالارتكاز الذي يصل إليه لو نوقش ـ هو: أنّ الجلوس في الساعة الاُولى مثلاً قد ثبت له الجعل يقيناً، والجلوس في الساعة الثانية لا ندري هل ثبت له