المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

179

الاستصحاب العلم بالقذارة.

ولكنّا نقول: إنّه إذا التفت العرف والمتكلّم إلى الملازمة بينهما، فقد التفت في الحقيقة إلى أنّ الطهارة الظاهرية ليس لها في الحقيقة حدّ غير ارتفاع الشكّ؛ إذ لو كان لها حدّ كان من المحتمل وصول ذلك الحدّ إلى المكلّف وانكشافه عنده قبل العلم بالقذارة، فلا تبقى ملازمة بين العلم بالقذارة والعلم بعدم الطهارة الظاهرية، ومع الالتفات إلى ذلك يقطع ببقاء الطهارة الظاهرية، ولا تصل النوبة إلى استصحابها.

3 ـ الشك في تحقّق غاية الطهارة الظاهرية بنحو الشبهة الموضوعية، كما لو علم مثلاً أنّ غاية الطهارة الظاهرية هي إخبار الثقة بالنجاسة، وشُكّ في إخباره، فيستصحب هنا الطهارة الظاهرية، ولكن هذا ـ أيضاً ـ لا ينسجم مع الحديث؛ لأنّ غاية هذا الاستصحاب هي العلم بارتفاع الطهارة الظاهرية بإخبار الثقة مثلاً، لا العلم بالقذارة. مضافاً إلى استلزام ذلك فرض قيد للطهارة الظاهرية غير مذكور في العبارة نهائياً، وعندئذ يكون افتراض كون الاستصحاب المذكور في هذا الحديث بالنظر الى الشكّ في ذلك القيد غير المشار إليه في العبارة بوجه من الوجوه خلاف الظاهر.

هذا كلّه إذا أراد المحقّق الخراساني(رحمه الله) إرجاع الذيل إلى تمام ما يستفاد عنده من الصدر من الحكم الواقعي والظاهري، بأن يفرض دلالتها على استصحابهما، إلاّ أنّ هنا فروضاً اُخرى يمكن أن تقال في المقام:

الفرض الأوّل: دعوى رجوع الغاية إلى الحكم الواقعي فقط، فتدلّ على استمرار الحكم الواقعي عند الشكّ، فيفرض أنّ هذا دليل على الاستصحاب مثلاً.

ويرد على هذا الفرض: أنّ رجوع الغاية إلى جزء الصدر خلاف الظاهر.

الفرض الثاني: دعوى رجوعها الى الحكم الظاهري فقط.

وهذا ـ مضافاً إلى كونه خلاف الظاهر؛ لأنّه أرجع فيه الغاية إلى جزء من الصدر ـ نقول فيه: إنّه إن اُريد بهذا استصحاب الطهارة الظاهرية ورد عليه ما عرفت من أنّ الشكّ في الطهارة الظاهرية لا يكون إلاّ بأحد أنحاء ثلاثة، ولا يصحّ تطبيق الحديث على شيء منها. وإن اُريد به بيان سعة الطهارة الظاهرية وثبوتها إلى حين العلم بالقذارة لم يكن ذلك وافياً بمقصود المحقّق الخراساني(رحمه الله) من استفادة الاستصحاب من الذيل.

الفرض الثالث: دعوى رجوع الغاية إلى الحكم الواقعي والظاهري معاً، وإرادة الاستصحاب بالنسبة إلى الحكم الواقعي، والاستمرار الحقيقي بالنسبة إلى الحكم الظاهري.