المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

167

ونجس، فقد يتّفق الشكّ(1) ولا يكون جعل الطهارة الظاهرية لغواً.

وأمّا على التقريب الذي ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله) من استفادة الطهارة الظاهرية من إطلاق (كلّ شيء طاهر) ابتداءً، فأيضاً لا يرد عليه هذا الإشكال؛ وذلك:

أمّا أوّلاً؛ فلأنّه ليس جعل الطهارة الواقعية منافياً للطهارة الظاهرية حتى تلغو الطهارة الظاهرية عند جعل الطهارة الواقعية، وإنّما الذي ينافيها هو وصول ذلك الجعل، وهذا العام إنّما دلّ على الجعل، والجعل لا يستلزم الوصول، فقد لا يصل بسبب ابتلاء هذا العام بالمعارض مثلاً، فتصل ـ عندئذ ـ الطهارة الظاهرية، ولا يلزم اللغوية.

وأمّا ثانياً؛ فلأنّه لو سلّمنا كون جعل الطهارة الواقعية منافياً للطهارة الظاهرية، قلنا: هل المقصود كون هذه المنافاة مانعاً ثبوتياً عن حمل الحديث على المعنى الذي ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله)، أو المقصود كونها مانعاً إثباتياً عنه؟

فإن قصد الأوّل فجوابه: أنّ الله تعالى يعلم أنّ دلالة الحديث على الطهارة الواقعية في جميع الموارد غير مقصودة، وأنّه في جملة من الموارد كالخمر الواقعي المشكوك الخمرية لم يجعل الطهارة الواقعية، فلا مانع من جعل الطهارة الظاهرية.

وإن قصد الثاني بأن يقال: إنّه وإن كانت الطهارة الواقعية غير مقصودة واقعاً في بعض الموارد، لكن حيث إنّها تنافي الطهارة الظاهرية، فالدليل الذي يدلّ على الاُولى لا يدلّ على الثانية، وإلاّ لزمت دلالته على أمرين متنافيين، فجوابه: أنّ الارتكاز المتشرّعي الذي هو كالقرينة المتّصلة دلّ على عدم إرادة العموم الكامل في الطهارة الواقعية، بل قوله في ذيل الحديث: «حتّى تعلم أنّه قذر» أيضاً قرينة على ذلك، فيرتفع التنافي الإثباتي أيضاً(2).

 


(1) إن كانت الشبهة حكمية لم يرد هذا الإشكال؛ لأنّ إطلاق قوله: «كلّ شيء طاهر» يرفع الشكّ، وإنّما يرد هذا الإشكال بلحاظ الشبهة الموضوعية. أمّا في الشبهة الحكمية فالأولى في مقام الجواب على هذا الإشكال الاقتصار على الوجهين الأتيين، أو الوجه الأوّل منهما.

(2) ما أفاده اُستاذنا(رحمه الله) في المقام صحيح، ولكن عبارة الدرر واضحة في أنّه لا يقصد دعوى التنافي بين الطهارة الواقعية والظاهرية، وجعل هذا التنافي مانعاً ثبوتياً أو إثباتياً في المقام، وإنّما يكون كلامه ناظراً إلى منافاة وصول الحكم الواقعي للحكم الظاهري، ودعوى: أنّ دليل الحكمين بعد أن كان واحداً وهو رواية: (كلّ شيء نظيف)، فهذا الدليل إن لم يصل لم تصل الطهارة الظاهرية، وإن وصل وصلت الطهارة الواقعية، فلا يبقى مورد للطهارة الظاهرية. فالمهمّ إذن بلحاظ مقصود الشيخ الحائري هو الجواب الأوّل. وأقترح تطوير بيانه بالشكل التالي:

لو فرضنا أنّ وحدة الدليل على الطهارتين أوجبت التلازم بين وصولهما نفياً وإثباتاً؛ لأنّ هذا الدليل الواحد إمّا