المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

126

بالدخول في الرابعة ويشكّ في الخروج عنها، فيستصحب كونه في الرابعة، فيقع التشهّد والتسليم في محلّهما.

أقول: يرد على هذا: أوّلاً: أنّ المحقّق العراقى(رحمه الله) يدّعي أنّ التشهّد والتسليم يجب أن يقعا في الركعة الموصوفة بكونها رابعة، لا أنّه يجب أن يقعا عند اتّصاف الشخص بكونه في الرابعة، وهذا الاستصحاب إنّما أثبت اتّصاف الشخص بكونه في الرابعة، ولم يثبت اتّصاف الركعة بكونها رابعة إلاّ تعويلاً على الأصل المثبت.

وثانياً: أنّ هذا الشخص يعلم إجمالاً ـ أيضاً ـ بأنّه: إمّا لم يكن في الرابعة حينما كان في الركعة التي شكّ في أنها ثالثة أو رابعة، او لا يكون في الرابعة حينما دخل في الركعة الجديدة. فعلى الأوّل قد انتفى عدم كونه في الرابعة، وعلى الثاني لم ينتفِ، فيستصحب عدم كونه في الرابعة، ويعارض ذلك استصحاب كونه في الرابعة.

إن قلت: إنّ كونه في الرابعة له عدمان: عدم قبل الوجود، وعدم بعد الوجود. والأوّل مقطوع الارتفاع، والثاني مشكوك الحدوث، نظير من كان محدثاً ثم توضّأ ثم علم بحدوث حدث منه لا يدري أنّه حدث بعد الوضوء أو قبله، فهنا لا يجري استصحاب الحدث؛ لأنّه يعلم أنّ الحدث قبل الوضوء ارتفع، وبعده مشكوك الحدوث.

قلنا: هناك فرق بين ما نحن فيه وهذا المثال، ففي هذا المثال لا مجال للاستصحاب؛ لأنّنا نسأل: ما الذي يستصحبه؟ هل يستصحب حالته الحدثيّة المعلومة تفصيلاً قبل الوضوء، أو حالته الحدثيّة المشكوكة بعد الوضوء، أو حالته الحدثيّة المعلومة إجمالاً؟ أمّا الاُولى فمقطوعة الارتفاع. وأمّا الثانية فمشكوكة الحدوث. وأمّا الثالثة فالعلم الإجمالي منحلّ بتعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفيه وهو الحدث قبل الوضوء.

وأمّا في المقام فلم ندّعِ نحن العلم الإجمالي بعنوان العدم قبل الوجود، أو العدم بعد الوجود، وإنّما ادّعينا العلم الإجمالي بعدم الكون في الرابعة عند الركعة السابقة، أو عند الركعة الجديدة، وهذا العلم الإجمالي ليس منحلاًّ؛ لعدم تعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفيه، وإنّما تعلّق العلم بأنّ أحد طرفيه وهو الطرف الأوّل لو كان فقد زال، والعلم الإجمالي لا ينحلّ بهذا، وإنّما ينحلّ بتعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفيه، فيجري استصحاب المعلوم بالإجمال(1).

 


(1) وبكلمة اُخرى: أنّ ما نحن فيه شبيه بما لو علم إجمالاً بالطهارة في الساعة الرابعة والحدث في الساعة