المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

121

وكيف لا وقد وجبت عليه التكبيرة، فهل كان يحتمل أن تكون عليه بحسب الواقع تكبيرة حتّى ينجّز عليه هذا الحكم ظاهراً؟! طبعاً لا، فهذا لا يكون إلاّ بانقلاب الوظيفة واقعاً.

هذا، مضافاً إلى أنّ ظاهر الروايات ـ أيضاً ـ صحّة الصلاة بهذا الشكل صحّة واقعية لا ظاهرية، أو من باب الإجزاء.

الثاني: أنّ كون ركعة الاحتياط حكماً ظاهرياً غير معقول ثبوتاً؛ لحصول القطع بعدم مطلوبية ركعة الاحتياط؛ لأنّه إمّا قد صلّى بحسب الواقع أربع ركعات، أو صلّى ثلاثاً. فعلى الأوّل لا حاجة إلى ركعة الاحتياط. وعلى الثاني لا فائدة في ركعة الاحتياط المنفصلة؛ لأنّ الصلاة باطلة.

ولنفترض نحن أنّ عدم ترتّب الأثر الثاني في المقام من باب التخصّص بالنحو الذي بيّنّاه حتّى لا يرد هذان الإشكالان.

ويكون حاصل الجواب عن إشكال الشيخ ـ عند ئذ ـ أنّ الرواية محمولة على إرادة الركعة المفصولة، وأنّ المقصود بها الاستفادة من الاستصحاب لترتيب أحد الأثرين اللذين كانا من أوّل الأمر ثابتين للمستصحب، أعني: عدم الإتيان بالركعة الرابعة، وهو وجوب الإتيان بها. وأمّا الأثر الثاني وهو وجوب الوصل فقد رفع رفعاً واقعياً(1).

وقد أورد المحقّق الإصفهاني(قدس سره) على هذا الجواب بما حاصله بعد صوغه بتعبيراتنا: أنّه في المقام قد انتفى الأثر الأوّل أيضاً، وهو الأمر بالركعة الرابعة، وأصبح الأمر في المقام أمراً جديداً؛ وذلك لأنّ التشهّد والتسليم والتكبير ليست في المقام ساقطة عن المانعية فحسب، حتّى لا يضرّ ذلك ببقاء الأمر الأوّل، بل زائداً على ذلك أصبحت أجزاء، فلا يصحّ الإتيان بالركعة الموصولة، ومن المعلوم أنّ الأمر الاستقلالي يتبدّل أساساً بزيادة جزء أو نقصه، لا أنّه يزيد أو ينقض أمر ضمنيّ مع بقاء الأمر الاستقلالي على حاله(2).

أقول: إنّ سقوط المانعية إنّما لم يره كافياً في تبدّل الأمر الاستقلالي لأجل ما اختاره هو في محلّه من أنّ المانعية دائماً تكون بخطاب مستقلّ، وإنّما يتحقّق الارتباط بلحاظ عالم الملاك الذي هو فوق عالم الخطاب. وأمّا الجزئية فدائماً تكون بخطاب ضمنيّ في ضمن الخطاب


(1) وفرق هذا الوجه عن الوجه الآتي أنّه فرضت في هذا الوجه إرادة ترتيب أثر المستصحب الذي كان له في الزمان السابق، وفي الوجه الآتي فرضت ارادة أثر جديد للمستصحب لم يكن ثابتاً له حدوثاً، وإنّما ثبت له حين الاستصحاب.

(2) راجع نهاية الدراية: ج 5، ص 82 ـ 83 بحسب طبعة آل البيت.