المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

116

مسألة الحلف بالطلاق والعتاق مكرها من النفي بحديث الرفع(1)، مع أنّ هذا الحلف باطل عندنا من أصله؛ لا أنّه يرفع بحديث الرفع، وإنّما يكون صحيحاً في نفسه عند العامّة، فيحتاج إلى الرفع بحديث الرفع، كقول الصادق(عليه السلام) للخليفة العباسي: «ذاك إلى الإمام، إن صمت صمنا، وإن أفطرت أفطرنا»(2).

أقول: ويؤيّد الحمل على التقيّة أنّه بناءً على هذا يمكن حمل ما في كلام الإمام(عليه السلام)من التكرار والتمطيط بنحو غير متعارف على أنّه أراد أن يلمّح إلى واقع المطلب، وهو لزوم الانفصال، فقال: «ولا يدخل الشكّ في اليقين، ولا يخلط أحدهما بالآخر» (أي: أنّ الركعة الرابعة يجب أن يفصلها ولا يخلطها بباقي الركعات) برجاء التفات مثل زرارة إلى المقصود، وبهذا يمكن أن يجاب عن الوسوسة الماضية في حمل الحديث على الاستصحاب، بأن يقال: إنّ هذا النحو من الكلام ناشئ من طبيعة الموقف في نفسه؛ إذ مطّط الكلام ومدّده بهذا الشكل ليفي بكلا الأمرين: الاتّقاء، والإشارة إلى الواقع.

ثم ذكر المحقّق العراقي(قدس سره) إشكالاً على جوابه الذي بيّنه، وهو: أنّه كما يمكن إجراء أصالة الجهة في الكبرى وفرض التطبيق صورياً، كذلك يمكن العكس، بأن تفرض الكبرى صورية، ويقال: إنّ انطباق هذه الكبرى الصوريّة على المقام حقيقي، فيقع التعارض بين أصالة الجهة في الكبرى وأصالة الجهة في التطبيق.

وأجاب عن ذلك بأنّ أصالة الجهة في التطبيق متيقّنة السقوط؛ إذ ليس لها أثر على تقدير صوريّة الكبرى.

ولا يرد عليه(قدس سره): أنّ المتعارضين متّصلان، فيحصل الإجمال؛ لأنّ المتعارضين يكونان بحكم المنفصلين؛ لأن التعارض جاء من علم خارجي.

وقد تحصّلت للمحقّق العراقي(قدس سره) كلمات ثلاث:

1 ـ دفع المحذور بالحمل على التقيّة في التطبيق.

2 ـ الإشكال على هذا الدفع بإيقاع التعارض بين أصالتي الجهة.

3 ـ الجواب عن هذا الإشكال بأنّ أصالة الجهة في التطبيق لا أثر لها.

ولنا معه في كلّ من هذه الكلمات الثلاث كلام:


(1) الوسائل: ج 11، ب 56 من أبواب جهاد النفس، الحديث 1.

(2) الوسائل: ج 10، ب 57 ممّا يمسك عنه الصائم، ح 5، ص 132، بحسب طبعة آل البيت.