المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

624

أيضاً ـ ليس بياناً فنيّاً فإنّه:

أوّلاً: أنّ هذا يوجب حكومة الدليل الثاني، وهو دليل نفي الحرج مثلاً على دليل حجيّة الإطلاق، لا على الدليل الأوّل وهو دليل وجوب الوضوء مثلاً، ولو التزم بالحكومة بهذا المعنى فهو ثابت في كلّ مخصِّص، فإنّ كلّ مخصّص قد اُخذ عدمه في موضوع أصالة العموم في العامّ، فلو كان هذا ملاك الحكومة في هذا القسم لم يبق فرق بين هذه الحكومة وبين التخصيص.

وثانياً: أنّه يمكننا أن نعكس المطلب ـ بغض النظر عن مسألة الأظهريّة والقرينيّة ـ ونقول: إنّه كما اُخذ في موضوع أصالة الإطلاق الشكّ في المراد، كذلك اُخذ في موضوع أصالة الظهور في الدليل الحاكم الشكّ في المراد، فليكن كلّ منهما موجباً لإلغاء موضوع الآخر.

فلابدّ من استئناف بحث آخر في المسألة؛ لأجل توضيح ضابط الحكومة. وإجمال التحقيق في باب الحكومة هو:

أنّ الحكومة تارة تكون لدليل على دليل آخر بلحاظ المرحلة اللغويّة، واُخرى تكون بلحاظ المرحلة التشريعيّة، والنحو الأوّل مجرّد فرض غير واقع في واقع التشريع، والمتعارف هو النحو الثاني.

أمّا النحو الأوّل: فتوضيحه: أنّه قد يكون للمتكلّم نظر في تشخيص مصاديق الموضوع الذي يحكم عليه بحكم، ولا أقصد بذلك النظر الأخباري كأن يخبر اشتباهاً مثلاً بأنّ زيداً خارج عن موضوع الحكم الذي هو العالم مثلاً، فإنّ هذا النظر لا أثر له في المقام، وإنّما أقصد بذلك النظر الإنشائي سنخ الادّعاء السكّاكي، فإنّ المتكلّم إذا كان له نظر إنشائي في كلامه في تشخيص موضوعه سعةً أو ضيقاً فهذا النظر لابدّ من اتّباعه، فإنّه في الحقيقة يتدخّل في المدلول الاستعمالي للكلام، وهذا النظر الإنشائي يفهم بقرينة تدلّ عليه: وهي إمّا قرينة عامّة: وذلك كما في الارتكازات العرفيّة العامّة التي تكشف عن أنظار إنشائيّة عرفيّة عامّة، فتكون تلك قرينة على النظر الإنشائي لهذا المتكلّم؛ لأنّه فرد من العرف وابن العرف، فمن باب أصالة عرفيّته واتّباعه للعرف في الارتكازات وباب الألفاظ والمعاني يُحمل كلامه على هذا النظر الإنشائي. وإمّا قرينة خاصّة: وهي عبارة عن تصريحه بهذا النظر الإنشائي، بأن يقول مثلاً: «لا ربا بين الوالد وولده» بناءً على حمله على بيان نظره الإنشائي في باب الربا، وهذه القرينة الخاصّة هي الحاكم، وفي الحقيقة لا معارضة ولا منافاة بينه وبين