المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

623

الانفصال يهدم الحجّيّة؛ وذلك لأنّ الظهور في القرينيّة لم يكن ظهوراً سياقيّاً حتّى ينتفي بانتفاء السياق، بل كان ظهوراً لفظياً لنفس الحاكم محفوظاً معه سواء اتّصل بالمحكوم أو انفصل عنه.

فتحصّل أنّ الفرق بين قرينيّة المخصِّص وقرينيّة الحاكم أمران:

أحدهما: أنّ قرينيّة المخصّص مستفادة من السياق، وقرينيّة الحاكم مستفادة من نفس الظهور اللفظي للحاكم.

والثاني: أنّ المخصِّص المنفصل إذا لم يكن بحكم المتّصل لم يكن قرينة بخلاف الحاكم.

وأمّا ما ذكر من أنّه في باب الحكومة على عقد الوضع لا يكون دليل الحاكم معارضاً ومنافياً لدليل المحكوم أصلاً؛ لأنّ دليل المحكوم إنّما دلّ على قضية شرطيّة، ودليل الحاكم دلّ على انتفاء الشرط، وسينتفي الجزاء بانتفاء الشرط، وصدق القضية الشرطيّة لا يستلزم صدق طرفيها، فغير صحيح أيضاً؛ وذلك لانّ الشرط بالفعل ثابت، فقوله: «الربا حرام» قد شمل الربا بين الوالد وولده، وقوله: «لا ربا بين الوالد وولده» وإن كان ينفي الجزاء وهو الحرمة بلسان نفي الشرط وهو الربا، لكنّ المفروض أنّنا نعلم بتحقّق الشرط، وصدق القضية الشرطيّة وإن كان لا يستلزم صدق الجزاء عند عدم تحقّق الشرط، لكنّه يستلزم صدق الجزاء عند تحقّق الشرط، ففي ظرف تحقّق الشرط لو دلّ دليل على عدم صدق الجزاء يكون منافياً لا محالة للدليل الأوّل، فالتصرّف في عقد الوضع ـ أيضاً ـ بحسب الحقيقة تصرّف في عقد الحمل، وإنّما الاختلاف في التعبير. فهذا الكلام بهذا المقدار غير تامّ، إلّا أن تضاف إليه فرضيّة سوف تأتي ـ إن شاء اللّه ـ عند تحقيق المطلب، وهي مجرّد فرضيّة غير منطبقة على ظاهر الأدلّة والأخبار.

وبما ذكرناه ظهر الفرق بين المقام وبين باب الترتّب، فإنّ الأمر بالأهمّ يُفني بامتثاله موضوع الأمر بالمهمّ وهو القدرة حقيقة، وأمّا في المقام فدليل الحاكم لا يفني الشرط في دليل المحكوم حقيقة، وإنّما يفنيه عنواناً استطراقاً الى تكذيب الجزاء، والتكذيب التوأم مع الفراغ عن وجود الشرط خارجاً يستحيل اجتماعه مع صدق القضية الشرطيّة.

وأمّا ما ذكر في الحكومة على عقد الحمل: من أنّه يقدّم الحاكم على دليل المحكوم؛ لأنّه يرفع موضوع أصالة الإطلاق في دليل المحكوم وهو الشكّ، فهذا ـ