المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

621

المحقّق النائيني(قدس سره) وما ذكرته مدرسته بما فيهم السيد الاُستاذ هو: أنّ الفرق بين التخصيص والحكومة: هو أنّ قرينيّة الخاصّ في التخصيص على العامّ قرينيّة عقليّة أي: بما أنّ العقل يحكم بأنّ المولى لا يصدر منه حكمان متضادّان، وأنّ العامّ والخاصّ متضادّان فيثبت لديه أنّ أحدهما لم يقصد به ظاهره، وبما أنّ الخاصّ هو الأظهر، فيتحفّظ على ظهوره، ويرفع اليد عن ظهور العامّ.

وأمّا في الحكومة فالقرينيّة تكون بالدلالة العرفيّة، فالحاكم بلسانه ينظر الى المحكوم ويفسّره، وهذا على قسمين: أحدهما: ما يكون ناظراً الى عقد الموضوع ومتصرّفاً فيه توسعة أو تضييقاً. والثاني: ما يكون ناظراً الى عقد المحمول. فالأوّل كما في: (لا ربا بين الوالد وولده)، والثاني كما في دليل نفي الحكم الحرجي، والحاكم في كلا القسمين مقدّم على المحكوم من دون ملاحظة النسبة بينه وبين المحكوم.

أمّا تقدّم الأوّل: فلأنّه يرفع موضوع دليل الحكم الأوّلي، فليس منافياً ومعارضاً له، فإنّ دليل الحكم الأوّلي كقوله: «يحرم الربا» يدلّ في الحقيقة على قضية شرطيّة: وهي إن كان هذا ربا فهو حرام، وصدق القضية الشرطيّة لا يستلزم صدق طرفيها، فيجوز للدليل الحاكم أن يدلّ على عدم الشرط، ولا توجد أيّ معارضة بين دليل عدم تحقّق الشرط خارجاً ودليل الملازمة الشرطيِّة بين تحقّق الشرط وتحقّق الجزاء، وبكلمة اُخرى: أنّ دليل حرمة الربا لا يتعرّض لصدق الربا وعدمه، والدليل الحاكم إنّما يدلّ على عدم صدق الربا، ويرفع موضوع دليل حرمة الربا.

وقال المحقّق النائيني(رحمه الله): إنّ هذه هي نكتة الجمع بين الأمر بالمهمّ والأمر بالأهمّ مع تضادّهما، فإنّ الأمر بالمهمّ معلّق على شيء وهو القدرة، والأمر بالأهمّ يُفني بامتثاله المعلّق عليه المهمّ؛ إذ بامتثال الأمر بالأهمّ يخرج المكلّف عن كونه قادراً (1).

وأمّا تقدّم الثاني فلأنّ التعارض بين القسم الثاني والأدلّة الأوليّة وإن كان مستحكماً؛ لأنّه لا يفني شرط القضيّة الشرطيّة المبيّنة للحكم الأوّلي بل يكون الشرط مفروغاً عنه ويخصّص الجزاء، فهو معارض للدليل الأوّلي، إلّا أنّه يتقدّم عليه باعتبار أنّه يرفع موضوع الإطلاق فيه وهو الشكّ، فإنّه يثبت العلم تعبّداً، ولهذا يكون حاكماً؛


(1) راجع قاعدة (لا ضرر) المطبوعة في ملحق ج 2 من منية الطالب للشيخ موسى النجفي، ص 215.