المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

620

قائماً عند الضرر بـ(لا ضرر) يثبت بذلك وجوب التيمّم، أو وجوب الصلاة جالساً، وهذا ما لا يثبت بالرجوع الى البراءة(1).

أقول: إنّ لنا علماً إجماليّاً في هذه الموارد مردّداً بين التكليف الثابت بالأدلّة الأوليّة بغضّ النظر عن (لا ضرر)، والتكليف المترتّب على عدم التكليف الأوّل، فنعلم إجمالاً مثلاً بوجوب الوضوء الضرري أو التيمّم، ومقتضى هذا العلم الإجمالي الاحتياط بالعمل بكلا الجانبين ولكن وجوب الاحتياط في جانب الحكم الأوّل الضرري وهو الوضوء في المثال منفيّ بـ(لا ضرر)، وهنا لا يكون (لا ضرر) مبتلى بالمعارض إذا لم يكن وجوب الاحتياط ثابتاً بعموم أو إطلاق، وإنّما كان ثابتاً بحكم العقل الذي يرتفع بثبوت الترخيص، فيبقى لزوم الاحتياط في الجانب الآخر فقط، فبالتالي توصّلنا الى ما يطابق عملاً نتيجة (لا ضرر).

التقريب الخامس: أنّ القاعدة وردت في مقام الامتنان، فتقدّم على سائر الأدلّة.

أقول: هذا التقريب بهذا المقدار يتراءى أنّه لا محصّل له، إلّا أنّه يمكن توجيهه بأحد وجهين:

الوجه الأوّل: هو أنّ هذا الحديث وارد في مورد الامتنان، فلا يناسب ورود التخصى عليه، فيكون أظهر في الشمول من الأدلّة الأوليّة، فيقدّم عليها. وهذا الوجه واضح الضعف.

الوجه الثاني: أنّ القاعدة بما أنّها وردت في مقام الامتنان فقد فرض في موضوعها ثبوت المقتضي للحكم في نفسه حتّى يتعقّل الامتنان في رفعه، فهي ناظرة الى الأحكام الأوليّة فتقدّم عليها. وهذا الوجه هو أحد تقريبات الحكومة التي سوف تأتي إن شاء اللّه.

التقريب السادس: الحكومة، وقد ذكر المحقّق النائيني(قدس سره) هنا كلاماً في أصل قانون الحكومة محاولاً تطبيقها على المقام(2)، ونحن نقتفي هنا أثره فنقول:

أمّا الكلام في أصل قانون الحكومة فالذي يتحصّل من مجموع ما ذكره


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 333.

(2) راجع قاعدة (لا ضرر) للشيخ موسى النجفي ص 314 ـ 315 بحسب ما هو مطبوع في ملاحق منية الطالب، ج 2.