المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

619

الإدلّة الأوليّة، فإنّه يكون معارضاً لتلك الإطلاقات، ويتساقط الكلّ في عرض واحد.

وتحقيق هذا الوجه يبتني على بحث مضى في بعض الأبحاث السابقة: وهو أنّه إذا كان عندنا تعارضان ولم يمكن تقديم أحد المتعارضين بعينه في واحد من التعارضين مع تقديم أحدهما بعينه في الآخر، فقد يقال بتقديم المعارض الآخر في كلا التعارضين.

وتوضيحه: أنّه إذا تعارض (أ) مع (ب) وتعارض (أ) آخر مع (ب) آخر وفرض أنّه لا يمكن تقديم كلا الباءين على ألفيهما، فهنا يقدّم الألفان على الباءين؛ وذلك لأنّ تقديم كلّ واحد من البائين على ألفه ليس محذوره فقط لزوم ترجيحه على (أ) بلا مرجّح، بل ذلك لا يمكن في نفسه؛ لأنّ الجمع بين الترجيحين غير ممكن حسب الفرض، وترجيح أحد الترجيحين على الآخر ترجيح بلا مرجّح، فيبقى تقديم الألفين على الباءين بلا محذور.

فإن تمّ هذا الكلام ارتفع الإشكال فيما نحن فيه، وإلّا فلا، فالأمر هنا رهين ما اخترناه هناك في ذلك.

وأمّا بيان تطبيق ما ذكرناه على ما نحن فيه فهو أنّ قاعدة (لا ضرر) لها إطلاقات، وكلّ إطلاق منها معارض لإطلاق من إطلاقات الأدلّة الأوليّة، ونسمّي إطلاقات (لا ضرر) بألف وإطلاقات الأدلّة الأوليّة بباء، وتقديم جميع الباءات على ألفاتها ينافي نصوصيّة (لا ضرر) في نفي الضرر في الجملة، وتقديم بعض دون بعض ترجيح بلا مرجّح.

الوجه الثاني: أنّه بعد تعارض إطلاقات الأدلّة الأوليّة بنصوصيّة (لاضرر) في نفي الحكم الضرري في الجملة لا يسقط كلّ الإطلاقات، بل يبقى بعضها غير المعيّن حجّة؛ لأنّنا علمنا إجمالاً بتخصيص بعضها فقط، فيقع التعارض بين البعض الباقي وإطلاق القاعدة ويتساقطان، وهذا الوجه مبنيّ على تماميّة هذا المبنى، وهو مبنى عدم سقوط كل الإطلاقات عند تعارضها بالعلم الإجمالي بتخصيص البعض، وهذا ما يأتي تحقيقه ـ إن شاء اللّه ـ في بحث التعادل والتراجيح.

التقريب الرابع: هو أنّه تتعارض الأدلّة الأوليّة مع (لا ضرر) ويتساقط الكلّ، ونرجع الى دليل البراءة، وهو مطابق لمفاد القاعدة.

واعترض السيد الاُستاذ على ذلك: بأنّه لا تثبت بذلك الأحكام الإلزاميّة المترتّبة على عدم التكليف، فمثلاً حينما ننفي وجوب الوضوء، أو وجوب الصلاة