المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

616

فإنّ هذا الحساب غير صحيح، بل يجب أن يحسب حساب آخر هو أن يُرى أنّ ملاك التقييد يوجب التقييد بأيّ شيء؟ فنرى أنّ ملاك التقييد هو الإرفاق، وذلك يوجب التقييد بعدم استلزام التصرّف في مال الغير وهو القيد الأوّل، وأمّا القيد الثاني وهو عدم المزاحمة لسلطنة الغير فليس هذا إرفاقاً، وإنّما هو شيء عقلي من باب استحالة وجود سلطنتين متضادّتين.

ثمّ إنّ الصحيح أنّ قاعدة السلطنة ليس لها إطلاق حتّى يكون لهذا البحث الذي ذكره هو(قدس سره) موضوع، فإنّ رواية «الناس مسلّطون على أموالهم» مرسلة غير مشمولة لأدلّة الحجيّة، والروايات الخاصّة في الموارد الخاصّة لا إطلاق لها، وأمّا الإجماع والسيرة فمن المعلوم أنّ المتيقّن منهما لا يشمل المقام بنحو يترتّب عليه هذا البحث الذي ذكره.

نسبة (لا ضرر) الى الأحكام الأوّليّة

الأمر الثالث: في نسبة القاعدة مع أدلّة الأحكام الأوّليّة، وهنا قالوا بتقدّم القاعدة على أدلّة الأحكام الأوّليّة، وهناك عدّة تقريبات لإثبات هذه الدعوى:

التقريب الأوّل: دعوى تقدّم القاعدة على أدلّة الأحكام وإن كان بينهما عموم من وجه، وذلك باعتبار كون القاعدة قطعيّة السند، وتلك الأدلّة ظنيّة السند ومعه تصبح الأخيرة معارضة للسنة القطعيّة.

وهذا الوجه لا يتمّ في موارد قطعيّة دليل الحكم الأوّلي، وأمّا في سائر الموارد فتماميّته موقوفة أوّلاً على إثبات التواتر ولو إجمالاً للقاعدة، وقد مضى منّا منع ذلك، وثانياً على عدم تماميّة جمع دلالي بينهما حتّى يستحكم التعارض وسوف ترى أنّ هذا أيضاً في غير محلّه.

التقريب الثاني: أنّ القاعدة وإن كانت معارضة بالعموم من وجه لكلّ واحد من الأدلّة الأوّليّة، ولكن لو قسناها الى مجموع الأدلّة لكانت أخصّ منها مطلقاً، فتقدّم عليها.

وأورد على ذلك السيد الاُستاذ: بأنّ المعارضة إنّما وقعت بين كلّ واحد من تلك الأدلّة وهذه القاعدة، والنسبة بينهما عموم من وجه، ولا يوجد عندنا دليل يسمّى مجموع الأدلّة حتّى نوقع التعارض بينه وبين هذه القاعدة، ونقدمّها عليه بالأخصيّة(1).


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 333.