المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

615

بالقيد الثاني أي: بعدم سلطنة للزارع مزاحمة لسطنة المالك؛ إذ لا مانع من هذا القيد، وأمّا سلطنة الزارع على ماله فليست مقيّدة بعدم سلطنة لصاحب الأرض مزاحمة لتلك السلطنة؛ لما عرفت من أنّ سلطنة صاحب الأرض وعدمها متأخّرة رتبة عن سلطنة الزارع، وتقيّد الشيء بالمتأخّر عنه رتبة محال، وعليه فتصل النوبة الى التقييد الأوّل، فتقيّد سلطنة الزارع بعدم استلزامها للتصرّف في مال صاحب الأرض، وبما أنّ استلزامها للتصرّف في ذلك ثابت تكويناً تنتفي سلطنة الزارع، وبانتفائها يتحقّق موضوع سلطنة صاحب الأرض من عدم المزاحمة لسلطنة الغير، فتثبت السلطنة لصاحب الأرض(1).

أقول: إنّ هذا الكلام باطل من وجوه؛ إذ يرد عليه:

أوّلاً: منع المقدّمة الاُولى، فإنّ تصرّف صاحب الأرض في أرضه يكون في عرض إشغال الزارع إيّاها، وهما عملان متواردان على الأرض لا يجتمعان في مورد واحد، فالأرض إمّا أن تكون تحت يد المالك، أو تكون تحت يد الزارع، وكونها تحت يد هذا في عرض كونها تحت يد ذاك ولا طوليّة بينهما.

وثانياً: منع ما في المقدّمة الثانية من الطوليّة بين السلطنتين، فإنّه لو سلّمنا الطوليّة بين التصرّفين لا تثبت بذلك الطوليّة بين السلطنتين أوّلاً: لمنع كون الطوليّة بين المعروضين مستلزمة للطوليّة بين العارضين، وثانياً: لمنع كون السلطنة على التصرّف عارضاً على التصرّف الخارجي، فقد تتحقّق السلطنة على التصرّف من دون تحقّق التصرّف. نعم، هي ذهناً مقيّدة بالتصرّف أي: أنّها سلطنة على التصرّف.

وثالثاً: لو سلّمنا الطوليّة بين السلطنتين لا يلزم من ذلك كون عدم سلطنة المالك في طول سلطنة الزارع، إلّا بناءً على القول بوحدة رتبتي النقيضين، وهذا غير صحيح عندنا.

ورابعاً: منع المقدّمة الثالثة: من أنّ السلطنة يمكن تقييدها بوجهين، فنقيّدها بالوجه الثاني الذي هو أقلّ تخصيصاً، فإن لم يمكن فبالوجه الأوّل.


(1) راجع المقالات: الطبعة المذكورة قبل قليل ج 2، ص 120، وكأنّ ما ذكره اُستاذنا(رحمه الله)هنا توجيه لكلام المحقّق العراقي، واقتناص لوجه فنّي من كلامه بالاستيحاء، وإلّا فالعبارة قاصرة عن أداء مثل هذا المعنى، إلّا أن يكون هذا مأخوذاً من تقرير لبحثه غير موجود عندي، لا من المقالات.