المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

614

بإخراجه من الأرض، بل يكون مسبّباً عن التصرّف في مال الغير(1)، فهذه السلطنة ثابتة له بحكم قاعدة (تسلّط الناس على أموالهم).

وكأنّه(قدس سره) أدرك أنّ هذا الكلام بهذا المقدار لا محصّل له؛ إذ لم ترد آية ولا رواية تدلّ على تقيّد قاعدة السلطنة بخصوص ما إذا لم يكن العمل بمتعلّق السلطنة سبباً للتصرّف في مال الغير، ولو استظهر قيد من نفس حديث «الناس مسلّطون على أموالهم» فالمستظهر هو اشتراط عدم كون إعمال السلطنة ملازماً للتصرّف في مال الغير، بلا فرق بين أن يفرض هذا سبباً لذاك أو بالعكس، فذكر(قدس سره) في مقام توجيه كلامه وتفسيره ما يتوقّف على اُمور ثلاثة، صرّح هو(قدس سره) بالأمر الأوّل والثاني منها، ويستخلص من كلامه الأمر الثالث:

الأمر الأوّل: أنّ تخليص المالك يكون في طول إشغال الزارع ومتأخّراً عنه رتبة، فإنّ نسبته إليه كنسبة الدفاع الى الهجوم.

الأمر الثاني: أنّه إذا كان التخليص في طول الإشغال، فتسلّط المالك على التخليص يكون في طول تسلّط الزارع على الإشغال، وعليه فعدم تسلّط المالك على التخليص ـ أيضاً ـ يكون متأخّراً عن تسلّط الزارع على الإشغال حفظاً لاتّحاد رتبتي النقيضين.

الأمر الثالث: أنّ قاعدة السلطنة بما أنّها إرفاقيّة ـ كما مضى ـ لابدّ من تقييدها، وتقييدها يمكن بأحد نحوين:

الأوّل: أن تُقيّد سلطنة الشخص على ماله بعدم استلزامها للتصرّف في مال الغير بغضّ النظر عن أنّ هذا الغير ممّن له سلطنة على ماله أو لا.

الثاني: أن تقيّد سلطنة الشخص على ماله بعدم مزاحمتها لسلطنة الغير على ماله أي: عدم لزوم التصرّف في مال الغير عند فرض كون ذلك الغير مسلّطاً على ماله. وبما أنّ القيد الثاني أضيق دائرة من الأوّل أي: أنّ ما يخرج به عن إطلاق القاعدة أقلّ ممّا يخرج بالقيد الأوّل، يكون الثاني هو المتعيّن عند دوران الأمر بينهما، فإنّ لم يمكن التقييد الثاني تصل النوبة الى التقييد الأوّل.

إذا عرفت هذه الاُمور قلنا: إنّ سلطنة المالك على التصرّف في الأرض مقيّدة


(1) كأنّ المقصود أنّه لولا تصرّف صاحب الزرع في الأرض لما اضطر صاحب الأرض في إعمال سلطنته على أرضه الى التصرّف في الزرع.