المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

613

الأصحاب (قدس سرهم)، وهو مطابق للقواعد ومستفاد من نفس قاعدة (لا ضرر).

إن قلت: إنّ الغرامة والضمان تدارك للضرر لا رفع للضرر، فكيف يثبت ذلك بلا ضرر؟!

قلت: إنّ ضمان العين هو الذي يكون تداركاً للعين لا رفعاً للضرر؛ لأنّه لا تردّ به العين، وأمّا إذا اقتصرنا على مجرّد ماليّة العين فإعطاء القيمة يعدّ ردّاً لنفس الماليّة، فهو رفع للضمان لا تدارك له.

الوجه الثالث: ما ذكره المحقّق العراقي(قدس سره): من أنّ (لا ضرر) قانون إرفاقي، وجريانه في المقام لمنع وجوب الردّ يكون خلاف الإرفاق بالنسبة للمالك، وإن كان في صالح المستأجر(1).

ويرد عليه: أنّ (لا ضرر) إنّما يلحظ فيه كونه إرفاقاً وامتناناً بمن يجري في حقّه، فإنّ ظهوره في الامتنانيّة لا يقتضي أزيد من ذلك، ويلحظ فيه ـ أيضاً ـ عدم إيجابه للضرر على شخص آخر حتّى لا يلزم تعارض الضررين، ولا يلحظ فيه شيء زائد على ذلك.

ثمّ إنّ المحقّق العراقي (قدس سره) بعد أن ذكر عدم جريان (لا ضرر) في المقام لكونه إرفاقيّاً، قال: إنّنا نرجع بعد عدم جريانه الى الإطلاقات الأوّلية، والإطلاق الأوّلي في المقام هو قاعدة (سلطنة الناس على أموالهم) وبما أنّه يمكن أن يقال فيما نحن فيه: إنّ قاعدة السلطنة تجري في حقّ مالك الأرض بلحاظ أرضه، وفي حقّ مالك الزرع بلحاظ زرعه، فيتعارضان، تصدّى(قدس سره) لبيان أنّ قاعدة السلطنة لا تجرى بلحاظ كليهما، وإنّما تجري بلحاظ صاحب الأرض فقط، فذكر أوّلاً: ما ظاهره: أنّه تختصّ قاعدة السلطنة بصاحب الأرض، باعتبار أنّ قاعدة السلطنة ـ أيضاً ـ قانون إرفاقي، فهي مشروطة بأن لا يكون العمل بما تثبته من قاعدة السلطنة سبباً للتصرّف في مال الغير، وهنا يكون إعطاء السلطنة بيد صاحب الزرع وعمله بها سبباً للتصرّف في مال الغير وهي الأرض، فلا تجري قاعدة السلطنة في حقّه، وأمّا إعمال صاحب الأرض لسلطنته بالتصرّف في أرضه فليس في نفسه سبباً للتصرّف في مال غيره وهو الزرع


(1) راجع المقالات: ج 1، ص 119 و 121 بحسب طبعة مكتبة البوذرجمهري المصطفوي بطهران.