المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

608

تشريعاً، فيجري (لا ضرر).

مثاله: ما إذا تعلّق غرضه بالغُسل أو الوضوء لحاجة ما الى استعمال الماء رغم كونه ضرريّاً، واُريد نفي وجوب ذلك بـ(لا ضرر)، فهنا يجري (لا ضرر) وينتفي الوجوب؛ لأنّ نفي وجوب ذلك لا يمنع هذا الشخص تكويناً ولا تشريعاً عن التوصّل الى غرضه، ولو مع لزوم بطلان هذا الغسل أو الوضوء بإجراء (لا ضرر)، فإنّه على أيّ حال يمكنه التوصّل الى غرضه باستعمال الماء، وعندئذ يكون نفي الوجوب امتنانيّاً بنظر العرف، فلو قال المولى: أنا لا اُلزِمُك بالعمل الفلاني الشاقّ ولو كنت راغباً في نفسك الى ذلك العمل، كان ذلك امتناناً عرفاً، فتجري قاعدة (لا ضرر).

نعم، إذا كان غرضه متعلّقاً بالغسل أو الوضوء بما هو امتثال لأمر المولى، فهنا يكون نفي الأمر بـ(لا ضرر) مانعاً عن توصّله الى غرضه، ولكن مع ذلك تجري قاعدة (لا ضرر)؛ لأنّ المركوز عدم الاعتناء بهذا النحو من الغرض ممّا يُرى تحكّماً في حكم المولى وأمره ونهيه.

هذا. وقد ظهر بما ذكرناه الفرق بين باب المعاملة الغبنيّة وباب تعلّق الغرض بالغسل والوضوء، سواء فسّرنا ذلك بتعلّق الغرض بالعمل بما هو امتثال للأمر، أو فسّرناه بتعلّق الغرض بذات العمل ولو لم يكن أمر، وهذا تهافت آخر قد يبدو بين الفتاوى في عدم إجراء (لا ضرر) في المعاملة الغبنيّة وإجرائه في الغسل والوضوء قد ظهر حلّه، كما ظهر حلّ التهافت بين الحكم بعدم جريان (لا ضرر) في المعاملة الغبنيّة العمديّة، وجريانه في مسألة الإقدام على الإجناب مع العلم بمضرّيّة الغسل(1).

 


(1) وحاصل الحلّ: أنّه في باب الإجناب تكون رغبة الشخص متعلّقة بالعلّة وهي الإجناب، لا بالمعلول الضرري وهو الغسل، والرغبة لا تسري من العلة إلى المعلول، وإنّما تسري من المعلول إلى العلة بنكتة المقدّميّة، إذن فالغسل غير مرغوب فيه، ويكون رفعه بـ(لا ضرر) امتنانيّاً، أو قل: إنّ إبطال الشريعة للمعلول لا يوجب بطلان ما هو المطلوب بالذات وهو العلّة؛ كي تلزم مخالفة الامتنان، أمّا في باب المعاملة الغبنيّة فالإقدام مباشرة كان إقداماً على نفس الأمر الضرري وهو اللزوم، فهو الأمر المرغوب فيه بالذات من قبل الشخص ولا امتنان في رفعه.

إلّا أنّ هذا الكلام كما ترى غير صحيح، فإنّ رغبة هذا المشتري المغبون إنّما تعلّقت