المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

607

تعلّق ابتداءً بالشيء الضرري، كما إذا تعلّق الغرض بالمعاملة الغبنيّة.

واُخرى يفرض تعلّقه ابتداءً بمعلول الضرر، فيقع في نفسه التزاحم بين غرضه المتعلّق بمعلوله وبين الضرر، فيقدّم جانب الغرض.

وثالثة يفرض تعلّقه ابتداءً بعلّة الضرر، وإنّما يلتزم بما يترتّب عليه من الضرر من باب أنّه لا يمكنه التفكيك بين العلّة والمعلول، ويترتّب ذلك قهراً على ما هو مصبّ غرضه، فلو رفع المولى ذلك الضرر، وأمكن توصّل العبد الى غرضه من دون ترتّب الضرر، كان ذلك منّة عليه.

ففي القسم الثالث: وهو فرض تعلّق الغرض بعلّة الضرر لا وجه لانصراف (لا ضرر) عنه ـ باستثناء مورد خاصّ يأتي إن شاء اللّه ـ لثبوت المنّة في نفي ذلك، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ غرضه الأوّلي متعلّق بالإجناب، وإنّما يقدم على الغسل على أساس اعتقاده بكون ذلك لازماً قهريّاً لا مهرب منه، ويرى غرضه أرجح من التخلّص من هذا الضرر ومن اُمنياته أن يرفع الشارع عنه هذا الضرر، فيتوصّل الى مقصوده من دون أيّ تبعة عليه، فالصحيح في هذا القسم هو جريان (لا ضرر) ولم يبق فرق في ذلك بينه وبين فرض سفهيّة الغرض.

وأمّا في القسمين الأوّلين فلا يجري (لا ضرر) بعد فرض كون الغرض عقلائيّاً، إذا كان جريانه مانعاً تكويناً عن توصّل الشخص المتضرّر الى غرضه العقلائي، كما إذا اُريد إجراء (لا ضرر) لنفي لزوم البيع الغبني، مع أنّه خلاف غرض المغبون إذا تعلّق غرضه باللزوم ولو من باب أنّه لو كان البيع قانوناً غير لازم لما أقدم صاحبه على هذه المعاملة وهو محتاج الى هذه المعاملة(1).

وكذا لا يجري (لا ضرر) إذا كان جريانه مانعاً تشريعاً عن توصّل المتضرّر الى غرضه العقلائي، كما لو تعلّق غرضه العقلائي بقطع يده واُريد نفي جواز ذلك بـ(لا ضرر).

وأمّا إذا لم يكن جريان (لا ضرر) مانعاً عن توصّله الى غرضه لا تكويناً ولا


(1) أمّا لو لم يتعلّق غرضه باللزوم فلم يملّك صاحبه الالتزام بعدم التراجع، وهذا يعني أنّه أجرى المعاملة بشرط الخيار في حين أنّ صاحبه لم يجرِ المعاملة على هذا الشرط، فهذا يدخل في مسألة اختلاف الإيجاب عن القبول في ثبوت شرط وعدمه، وأفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)أنّه ـ عندئذ ـ يبطل البيع.