المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

603

تدلّ بدلالتها المطابقيّة على إيجاد المبادلة، وبدلالتها الالتزاميّة المستفادة بحسب السياق العرفي على الالتزام بالبقاء على ما صدر منهما، وأنّ حكم الشارع باللزوم إمضاء لنفس ما أراده المتعاملان، فقد حصل الإقدام على اللزوم والبقاء أيضاً، فهذا الإشكال ـ أيضاً ـ غير تامّ في المقام، فالصحيح عدم جريان قاعدة (لا ضرر) في المقام؛ لأنّه بنفسه أقدم على الضرر.

المقام الثاني: في ثبوت الإقدام على الضرر في مسألة الجنابة العمديّة وعدمه.

وهنا نتكلّم تارة في صدق الإقدام وعدمه، واُخرى في أنّه إذا صدق الإقدام فهل هو إقدام يمنع عن جريان (لا ضرر) أو أنّه ليس كلّ إقدام مانعاً عنه، وهذا من القسم غير المانع، فيقع الكلام في أمرين:

الأمر الأوّل: في صدق الإقدام وعدمه.

قد عرفت الاستشكال في صدق الإقدام بلزوم الدور بالتقريب الذي مرّ. ولتوضيح ما هو التحقيق في المقام نتكلّم في نقاط أربع:

1 ـ أنّه لو صحّ قولكم: إنّ الإقدام دوري؛ لتوقّفه على عدم جريان (لا ضرر) المانع عن وجوب الغسل، وعدم جريانه متوقّف على صدق الإقدام. صحّ أن نقول أيضاً: إنّ عدم الإقدام دوري؛ لتوقّفه على جريان (لا ضرر) حتّى ينفى به وجوب الغسل، فلا يكون إقدام عليه، وجريانه متوقّف على عدم الإقدام على الضرر.

2 ـ كأنّه يتخيّل أنّ المحال في باب الدور هو تحقّق الدائرين في الخارج دون أصل توقّف الشيء على نفسه ولو بالواسطة، مع أنّه ليس الأمر هكذا، بل تكمن الاستحالة في نفس توقّف الشيء على نفسه ولو بالواسطة، وهذا الخلط يرى في كثير من موارد تعرّضهم لإشكال الدور التي منها ما نحن فيه، فإنّه لو كان الإقدام متوقّفاً على عدم جريان (لا ضرر) وبالعكس كما فرض فقد تحقّق الدور المحال، فليس هذا برهاناً على عدم حصول الإقدام، بل لابدّ أن يكون أحد التوقّفين باطلاً في المقام.

3 ـ أنّ العام دائماً يتعنون بنقيض العنوان المأخوذ في المخصّص أو الحاكم، كما في (أكرم العلماء) المخصّص بـ(لا تكرم العالم الفاسق)، فإنّه يتعنون بعدم الفسق، ففيما نحن فيه يكون موضوع وجوب الغسل مع فرض الضرر معنوناً بنقيض عنوان أخذ في (لا ضرر)، وهو عنوان عدم الإقدام ـ حسب الفرض ـ فتحدّد العنوان المأخوذ في وجوب الغسل متفرّع على كيفية تحدّد العنوان المأخوذ في (لا ضرر)،