المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

600

إطلاقه بالقاعدة.(1)

ويرد عليه بغضّ النظر عمّا مضى من أنّ (لا ضرر) ينظر الى الشريعة ككلّ ويحكم عليها، لا الى كلّ فرد فرد من الأحكام مستقلاّ: أنّ دائرة ما في الشريعة من الحكم بعدم الضمان تتحدّد بدائرة ما في الشريعة من الحكم بالضمان، فإذا فرض مثلاً: أنّ الشارع خصّ حكم الضمان بمورد إتلاف شخص عين مال شخص آخر عمداً، فهذا معناه أن موضوع الحكم بعدم الضمان هو جامع ما لا يكون هكذا سواءً تلف بلا عمد، أو تلف بتلف سماوي، أو لم يتلف أصلاً، وهذا الحكم كالحكم بوجوب الوضوء قد يكون ضرريّاً، وقد لا يكون ضرريّاً، فيرفع إطلاقه بالحديث.

 

الإقدام على الضرر

الأمر الثاني: قد يظهر التهافت في بادىء الأمر تهافت بين فتويين من قبل الأصحاب: إحداهما: ما يقال من أنّ (لا ضرر) لا يجري في الغبن إذا كان المغبون عالماً بالغبن فدخل في المعاملة الغبنيّة عن عمد، وليس له خيار الغبن.

وثانيتهما: ما يقال من أنّ من أجنب نفسه وكان الغسل ضرراً عليه ينتقل الى التيمّم، ولو فرض كونه عالماً بذلك وأجنب نفسه عمداً.

ووجه التهافت: أنّه لو كان (لا ضرر) لا يجري مع العمد؛ لأنّه أقدم على الضرر مثلاً وجب أن لا يجري في كلا الفرضين، وإلّا وجب أن يجري في كليهما فما معنى التفصيل بينهما؟

وتصدّى المحقّق النائيني(قدس سره) لبيان الفرق بين المسألتين. وعبارة التقرير هنا في غاية التشويش(2)، فنحتمل فيها عدّة احتمالات، ونصوغها في ثلاثة تقريبات، فصدر عبارته أنسب بالتقريب الأوّل، ووسط العبارة أنسب بالتقريب الثاني، وذيله أنسب بالتقريب الثالث.

أمّا التقريب الأوّل: فهو أنّ (لا ضرر) ينفي الحكم المتعنون بعنوان الضرر بلحاظ قانون المسبّب التوليدي ـ على ما هو مبنى المحقّق النائيني(قدس سره) كما مضى ـ فلا بدّ من أن لا تتوسّط بين الحكم وتحقّق الضرر إرادة المكلّف غير المقهورة للحكم


(1) لم أجده في فحصي الناقص.

(2) راجع قاعدة (لا ضرر) للشيخ موسى النجفي، ص 217 ـ 219.