المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

599

الأمر كذلك في باب التلف السماوي.

التعليق الثالث: أنّ كلا الكلامين كما ترى ليس في الحقيقة إشكالاً على أصل التعميم، فلو قلنا بالتعميم ولم نقل بكون الضمان نفياً للضرر، والتزمنا بأنّ الضمان تدارك للضرر، وبأنّ (لا ضرر) لا يثبت التدارك، وإنّما هو نفي للحكم الضرري، أو عدم الحكم الضرري، ومثّلنا لهذا التعميم بمسألة عدم حرمة الإضرار بالغير المنفي بـ(لا ضرر)، فأيّ ربط لهذا الكلام بالإشكالين الماضيين؟! فهذا خلط ـ كما قلنا ـ بين التعميم وما فرّع عليه في كلام المعمِّم.

وقد تحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّ (لا ضرر) يشمل الأعدام الضرريّة أيضاً، وقد طبّق الإمام (عليه السلام) ذلك على العدم الضرري للحكم الضرري في حديث الشفعة، ومنع فضل الماء؛ ليمنع فضل الكلاء ـ إن كان الحديثان صادقين ـ فإّن عدم الشفعة وجواز المنع عدمان ضرريّان، وليسا حكماً وجوديّاً ضرريّاً، وأمّا نفس حديث سمرة فإن قلنا: إنّ (لا ضرار) هو الذي يطبّق فيه على مورده فهذا التطبيق خارج عمّا نحن فيه فعلاً من قضية (لا ضرر)، وإن فرض أنّه يطبّق عليه (لا ضرر) قلنا أيّ حكم وجودي طُبّق عليه (لا ضرر)؟

هل هو ثبوت حقّ ذات الدخول مع عدم الاستئذان، أو ثبوت حقّ الدخول المقيّد بعدم الاستئذان الراجع الى حقّ عدم الاستئذان؟

أمّا الأوّل: فحقّ ذات الدخول ليس ضرريّاً.

وأمّا الثاني: فلا معنى لتعلّق الحقّ بعدم الاستئذان، وإنّما الذي قد يكون محقوقاً ومملوكاً في نظر العقلاء هو ذات الدخول لحفظ العذق، وأمّا الدخول بقيد عدم الاستئذان فيتعلّق به الجواز بمعنى عدم الحرمة وعدم وجوب الاستئذان، وهذا أمر عدميّ ضرريّ رفع بـ(لا ضرر).

ثمّ إنّ المحقّق الاصفهاني(قدس سره) ذكر: أنّه لا يمكن استفادة الضمان في موارد الضمان من (لا ضرر)؛ لأنّ (لا ضرر) ينظر الى الأحكام الثابتة في الشريعة ويحكم عليها، فهو لا يرفع حكماً برأسه، وإنّما يرفع إطلاق الحكم، فالحكم الذي يكون من أصله ضرريّاً، كالحكم بعدم الضمان على من أتلف مال غيره سهواً مثلاً الذي هو ضرر على المتلَف منه لا يرتفع بـ(لا ضرر)؛ لأنّ هذا الحكم بنفسه ضرريّ، وليس من قبيل وجوب الوضوء الذي لا يكون بنفسه ضرريّاً، وقد تتّفق صيرورته ضرريّاً، فيرفع