المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

596

وذكر السيد الاُستاذ: أنّ قاعدة (لا ضرر) لا تثبت ولاية الطلاق للمرأة، أو للحاكم الشرعي حتّى لو قلنا بالتعميم، فإنّه توجد هنا ثلاثة أشياء: (الزوجيّة)، وهي بنفسها ليست ضرريّة. و (عدم كون الطلاق بيد الزوجة أو وليّها)، وهذا ـ أيضاً ـ ليس ضرريّاً. و(عدم الإنفاق)، وهذا هو الضرري. وحديث (لا ضرر) إنّما يدلّ على وجوب الإنفاق وعدم الرخصة في تركه، ولا علاقة له بمسألة الطلاق.(1)

أقول: هذا الكلام نشأ من الالتزام بالمعنى التقليدي للضرر، وهو نقص المال، فإنّ الضرر المتوجّه الى الزوجة بهذا المعنى هو نقص مالها، بمعنى أنّها لا تتمكّن من أخذ ما تطلبه من مدينها، والطلاق ليس نفياً لهذا الضرر، وإنّما هو تبديل للمدين الى مدين آخر ملتزم، أو موسر لا يورد عليها هذا الضرر.

وأمّا بناءً على ما عرفت: من أنّ من أفراد الضرر بل من أجلى أفراده البؤس وسوء الحال، فمن الواضح أن هذه المرأة قد ابتلت بضرر من هذا القبيل، وهو البؤس وسوء الحال من جرّاء كونها في عصمة رجل معسر وعاجز عن الإنفاق، ورفع الضرر عنها يكون بتخليصها من هذا الزوج، والكلام إنّما هو في فرض عدم وجود منفق آخر عليها غير الزوج كالأب أو الأخ أو غيرهما، وإلّا فلا بؤس ولا سوء حال.

نعم، رفع هذا الضرر بكلمة (لا ضرر) إنّما كان في فرض عدم قدرة الزوج على الإنفاق حيث صار بقاء الزوجيّة أو عدم الطلاق ـ عندئذ ـ ضرريّاً بواسطة أمر تكويني خارج عن قدرة الزوج، وهو الإعسار تماماً كضرريّة وجوب الوضوء بواسطة أمر تكويني وهو المرض.

وأمّا إذا كان الزوج عاصياً فالضرر إنّما يترتّب على هذا الحكم بواسطة إرادة فاعل مختار هو الزوج غير المقهورة لحكم المولى، بل المتمرّدة على حكم المولى، فنفي الضرر المستند الى الشريعة لا يعالج المشكل؛ لأنّه متمرّد على الشريعة، فهنا يتمسّك بـ(لا ضرار)؛ لما مضى من أنّه يرفع الحكم الشرعي الذي يتعمّد الشخص الإضرار بالتمسّك به.

ثمّ إنّ ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله): من كون جريان (لا ضرر) هنا، وإثبات الطلاق على أساسها بيد الزوجة أو وليّها فرع القول بتعميم القاعدة غير صحيح، فحتّى لو قلنا بأنّ القاعدة ترفع ولا تضع فإنّها تفيدنا هنا جواز الطلاق؛ وذلك لأنّه إذا


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 345، والمصباح: ج 2، ص 560.