المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

594

ضرر) للوضع، كما هو متكفّل للرفع. وشرح الكلام في المقام ما يلي:

أمّا فرض القصور في المقتضي وعدم الإطلاق فله وجوه ثلاثة:

الأوّل: أنّ (لا ضرر) ينظر الى المجعولات الشرعيّة، ويرفع ما يكون منها ضرريّاً، وعدم الحكم لا يكون مجعولاً من قبل الشارع حتّى يرفع عند كونه ضرريّاً.

وهذا الوجه لا يتمّ لا على مبنانا، ولا على مبنى المحقّق النائيني(رحمه الله).

أمّا على مبنانا فواضح، فإنّ (لا ضرر) نفي للأضرار التكوينيّة الخارجيّة، وقد خرح من إطلاقها بمقيّد كالمتّصل الضرر غير المربوط بما يكون بيد الشارع من جعل حكم أو عدم جعله، ويبقى الضرر الناشىء من حكم الشارع مع الضرر الناشىء من عدم حكمه كلاهما داخلين في الإطلاق؛ لعدم وجود مقيّد يخرج أحدهما.

وأمّا على مبنى المحقّق النائيني (قدس سره): من أنّ مفاد القاعدة هو نفي الحكم الضرري، فلأنّه لم يذكر في الحديث لفظ الحكم، أو الجعل حتّى يتكلّم في أنّ هذا اللفظ هل يشمل عدم الحكم مثلاً أو لا؟ غاية الأمر هي مايقال: من أنّ الشارع بما هو شارع قد نفى الضرر، فلا ينظر الى الأضرار التكوينيّة، ويكون النفي نفياً تشريعيّاً، ولكنّ النفي التشريعي كما يناسب الضرر الناشىء من جعل حكم من قبل المولى، كذلك يناسب الضرر الناشىء من عدم جعل الحكم من قبله.

الثاني: أنّ نفي النفي وإن كان أمراً معقولاً ويعطي معنى الإثبات، ولكنّه خلاف الطبع الأوّلي للعرف، فتحمل جملة (لا ضرر) على خصوص نفي الوجود دون نفي النفي.

وهذا ـ أيضاً ـ لا يتمّ لا على مبنانا، ولا على مبنى المحقّق النائيني(قدس سره).

أمّا على مبنانا فواضح، فإنّ (لا ضرر) ينفي الضرر التكويني الناشىء من حكم الشرع أو عدم حكمه، والضرر التكويني على أيّ حال أمر وجودي، فلم تلزم إرادة نفي النفي.

وأمّا على مبنى المحقّق النائيني (رحمه الله) فلأنّه وإن فرض الضرر عنواناً لما ينفى من الأمر المرتبط بالشارع، لكنّه لا مانع من شمول الحديث للحكم الضرري ولعدم الحكم الضرري، فإنّ عنوان الضرر المنتزع عنه لا يكون عدميّاً، وإنّما هو وجودي.

الثالث: التمسّك بكلمة (في الإسلام) في قوله: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» فيقال: إنّ عدم الحكم ليس من الإسلام، وأمّا الإسلام فهو عبارة عن الأحكام المشرّعة.