المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

593

 

 

 

تنبيهات

 

بقي علينا التنبيه على اُمور:

 

ضرريّة عدم الحكم

الأمر الأوّل: في أنّ (لا ضرر) هل يضع حكماً يكون عدمه ضرريّاً، كما يرفع الحكم الضرري أو لا؟ ذهب المحقّق النائيني (رحمه الله)ومدرسته ـ ومنهم السيد الاُستاذ ـ الى الثاني(1)، ولكنّ للسيّد الاُستاذ بعض التفريعات على (لا ضرر) والتي لا تناسب هذا المبنى، من قبيل ما ذكره في الدراسات في التنبيه الأوّل من تنبيهاته(2) من أنّ مفاد (لا ضرر) وإن كان هو نفي الحكم الضرري لا النهي عن الضرر، لكنّه تثبت بذلك حرمة الإضرار بالغير؛ لكون الترخيص فيه ضرريّاً.

وعلى أيّ حال، فما يظهر من مدرسة المحقّق النائيني (قدس سره) في مقام اختصاص (لا ضرر) بنفي وجود الحكم الضرري أمران: أحدهما دعوى القصور في المقتضي والمناقشة في الإطلاق، وثانيهما دعوى لزوم فقه جديد من فرض تكفّل حديث (لا


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 344، والمستفاد من عبارتها: أنّ (لا ضرر) وإن كان ناظراً بذاته الى الأحكام المجعولة، لكن عدم جعل الحكم في موضع قابل للجعل بمنزلة جعل العدم، ولا سيّما مع ورود قوله(عليه السلام): «ما حجب اللّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» والذي هو بمنزلة التصريح بجعل عدم التكليف فيما لم يجعل فيه تكليف. ونحوه ما في المصباح: ج 2، ص560، إلّا أنّه أبدل الاستشهاد بحديث (ما حجب) بالاستشهاد بما ورد من: «أنّ اللّه سبحانه لم يترك شيئاً بلا حكم». وبهذا يتّضح أنّه لو أثبت السيّد الخوئي حرمة الإضرار بـ(لا ضرر)، فهذا لا ينافي مبناه من اختصاص (لا ضرر) بنفي الأحكام المجعولة؛ لأنّه يرى الجواز وعدم جعل الحكم في موضع قابل للجعل جعلاً للعدم على حدّ تعبير المصباح، أو بمنزلة جعل العدم على حدّ تعبير الدراسات، ويرى أنّ نفي الجواز يثبت الحرمة؛ لعدم خلوّ الواقعة من الحكم.

(2) راجع الدراسات: ج 3، ص 329، ولكن في المصباح: ج2، ص 533 ـ 534 اختار أنّ حرمة الإضرار لا تستفاد من (لا ضرر)، بل تستفاد من (لا ضرار).