المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

583

اللفظي في المقام.

وأمّا عدم شموله للأفراد المستجدّة؛ فلأنّ الإطلاق اللفظي إنّما هو على أساس كون عرفيّة الشارع، والفهم العرفي قرينة متّصلة على صرف الكلام الى المعنى العرفي، ومن الواضح أنّ الفهم العرفي المعاصر هو القرينة المتّصلة دون فهم عرفي آخر، وكذلك لو قلنا بالإطلاق المقامي لا اللفظي، فإنّه ـ أيضاً ـ يكون على أساس قرينيّة العرف الحاضر؛ لكون نظر الشارع موافقاً لنظره.

ثمّ لو فرض شمول الإطلاق اللفظي لو خلِّي وطبعه للأفراد العرفيّة المستجدّة فلابدّ من صرف مثل حديث (لا ضرر) الذي يستبطن إمضاء الأحكام العقلائيّة عن ذلك، والقول باختصاصه بالعرف الحاضر في زمان الشارع؛ وذلك لأنّ من المقطوعات الفقهيّة أنّ حكم الشارع ليس تابعاً للأحكام العقلائيّة بما هي، بأن تكون الأحكام العقلائيّة بما هي موضوعاً لتبعيّة الشارع منها. نعم قد يوافق نظر الشارع نظر العقلاء فيمضي حكمهم.

وعليه فلو فرض أنّ حكم الشارع في (لا ضرر) دار بنحو القضية الحقيقيّة مدار أحكام العقلاء وجوداً وعدماً جيلاً بعد جيل، فإمّا أن يكون هذا من باب التبعيّة لأحكام العقلاء، وكون أحكامهم موضوعاً لحكم الشارع على طبقها، وهذا ما قلنا: إنّه غير محتمل فقهيّاً (1).

وإمّا أن يكون هذا من باب أنّ الشارع أعمل الغيب فرأى أنّ نظره صدفة في كلّ زمان موافق لنظر العقلاء في ذلك الزمان، ولكن إعمال علم الغيب من قبل الشارع في مثل هذا الكلام الملقى الى العرف لبيان الحكم الشرعي خلاف الظاهر.

فالمتحصّل: أنّه لا عبرة بالأفراد المستجدّة للضرر، فإذا فرض مثلاً في عصر ثبوت حقّ الاشتراك في الأموال بلحاظ قانون الاشتراكيّة لم يكن حديث (لا ضرر) دليلاً على إمضائه.

نعم هنا نكتتان لابدّ من الإشارة إليهما:


(1) قد يكون حكم الشارع بتثبيت حقّ من الحقوق في كلّ زمان بسبب ثبوته لدى العرف والعقلاء في ذلك الزمان؛ وذلك باعتبار ما يوجب سلبه من الفرد في ذلك الزمان من حراجة نفسيّة بلحاظ سلب ما هو ثابت له في عرفه، ولا أدري ما هو السبب في دعوى القطع ببطلان ذلك فقهيّاً؟!