المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

581

الأضرار الارتكازيّة

وفي ختام الكلام عن فقه الحديث بلحاظ جملة (لا ضرر) لا بأس بشيء من بسط الكلام حول شمول (لا ضرر) للأضرار التي تكون في طول الارتكاز العرفي.

فقد مضى أنّ (الضرر) في الحديث يشمل الضرر الحقيقي الأصلي كقطع اليد، والضرر الذي يكون في طول الارتكاز العرفي، كما في حرمان الشخص من حقوقه العرفيّة، وشمول الضرر للأفراد الارتكازيّة يكون بأحد تقريبين:

أحدهما: دعوى الإطلاق اللفظي بأن يقال: إنّ الشارع بما هو فرد من أفراد العرف، ويخاطب العرف فهو يقصد بالضرر الضرر العرفي، وهو مطلق يشمل الضرر الحقيقي الأصلي والضرر الارتكازي.

وثانيهما: دعوى الإطلاق المقامي، وتوضيحه: أنّه لو سلّمنا أنّ الضرر في هذا الكلام يعطي معنى ما هو ضرر في نظر الشارع، ولم يستعمل في الضرر العرفي، فعندئذ يبقى الكلام في أنّه ما هو الضرر في نظر الشارع علاوة على الضرر الحقيقي الأصلي؟

فإن استُظهِر ـ بالرغم من إجمال اللفظ في ذاته ـ أنّ المولى يكون في مقام البيان، وليس في مقام الإجمال، تمّ الإطلاق المقامي، بأن يقال: بما أنّ المولى في مقام البيان، ولم يبيّن شيئاً زائداً على نفي ما هو الضرر عنده ظهر بذلك: أنّه اعتمد في تعيين ما هو الضرر عنده على الارتكاز والنظر العرفي، واعتبر الارتكاز العرفي قرينة على مراده.

ثمّ هل العبرة في الأفراد الارتكازيّة للضرر بخصوص الأفراد المرتكزة في ذلك الزمان، أو أنّه في كلّ زمان يطبّق القانون بحسب ذاك الزمان، فتدخل فيه الأفراد المستجدّة بتجدّد القوانين العقلائيّة والحقوق العرفيّة؟ وأساساً ما هو الضابط لشمول العنوان في كلام الشارع للأفراد الارتكازيّة وعدم شموله؟

تحقيق الكلام في هذا المقام بنحو يفيد في غير باب الضرر أيضاً: هو أنّ الشيء الذي يكون له فرد بحسب الارتكاز غير فرده الحقيقي الأصلي يكون فرده هذا على أحد أنحاء:

الأوّل: أن يكون هذا الفرد فرداً ارتكز في ذهن الناس اشتباهاً بعد وضوح أصل مفهوم اللفظ وتبيّنه بحدوده بحيث لو نبّهوا على عدم انطباق ذلك المفهوم على هذا الفرد لرجعوا عن إدخاله في أفراد ذلك العنوان، كما لو قال المولى: أكرم العلماء،