المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

564

و (الضرر) مصدر لضرّ، وأمّا كيفية تطبيق (لا ضرار) على المورد ففهمها يتوقّف على فهم فقه هذه الجملة. وهذا ما سوف نبيّنه ـ إن شاء اللّه ـ في المقام السادس، ونبيّن هناك تطبيق هذه الجملة على المورد إن شاء اللّه.

ثمّ إنّك عرفت أنّ كون النبي(صلى الله عليه وآله) ناظراً عند ذكره لهذه القاعدة الى الحكم الأوّل في كلامه(صلى الله عليه وآله) غير معلوم، ولكن مع ذلك نتكلّم في أنّه هل يمكن تطبيق (لا ضرر) على الحكم الأوّل أو لا؟ وكيف يطبّق عليه؟ فلو فرض كونه (صلى الله عليه وآله) ناظراً إليه كما عرفته من المحقّق النائيني(رحمه الله) فهل ينطبق الحديث على المورد أو لا؟ فنقول:

المشهور طبّقوا القاعدة على المورد باعتبار أنّ إطلاق حقّ سمرة في الدخول لفرض عدم الاستئذان أصبح ضرريّاً، فنفوا إطلاق حقّه بالقاعدة.

ولكنّ المحقّق العراقي(رحمه الله) ذكر(1): أنّ تطبيق القاعدة في المقام على سلب إطلاق حقّ سمرة غير صحيح؛ وذلك لأنّ هذا وإن كان دفعاً للضرر عن الأنصاري، لكنّه خلاف الامتنان بالنسبة لسمرة، وبما أنّ القاعدة امتنانيّة فلا يصحّ تطبيقها في مورد يوجب بالنسبة لغير من يدفع عنه الضرر مخالفة للامتنان، ولكنّنا نطبّق القاعدة في المقام على إثبات حقّ الأنصاري في الأمن وحفظ العيال، وهذا في حدّ ذاته مطابق للامتنان. نعم، هناك مزاحمة بين هذا الحقّ وحقّ سمرة في الدخول، ويقدّم حقّ الأنصاري على حقّ سمرة بالأهميّة، لا بقاعدة (لا ضرر) حتّى يقال: إنّها أصبحت خلاف الامتنان بالنسبة لسمرة، فتطبيق قاعة (لا ضرر) في المقام إنّما هو بمقدار إثبات حقّ الأمن وحفظ العيال للأنصاري، وهذا المقدار ليس خلاف الامتنان، وتقديم هذا الحقّ على حقّ سمرة الذي يكون خلاف الامتنان بالنسبة لسمرة لم نستفده من (لا ضرر)، بل من قانون تقديم الأهمّ.

أقول: إنّ لزوم عدم كون قاعدة (لا ضرر) خلاف الامتنان بالنسبة لغير من يدفع الضرر عنه سيأتي منّا تفنيده، فالآن نغضّ النظر عن بحث ذلك، ونتكلّم عمّا تطبّق عليه القاعدة في المقام.

فنقول: إنّ فرض استحقاق سمرة للدخول يتصوّر بنحوين:

الأوّل: أن يكون متعلّق حقّه في الحقيقة هو محافظته على عذقه لا دخوله، ويصبح دخوله جائزاً بالجواز التكليفي؛ لكونه مقدّمة لما هو حقّه، فيجوز بالدلالة


(1) راجع المقالات: ج 2، ص 114.