المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

53

في مورد عدم وصول الحرمة إلى العبد، لا تثبت في مورد وصولها بنحو العلم الإجماليّ، كما هو واضح(1).

وأمـّا على الأوّل فأيضاً لا ملازمة بين الترخيص بلحاظ التزاحم الأوّل والترخيص بلحاظ التزاحم الثاني؛ إذ من الممكن افتراض أنّ درجة الغرض الترخيصيّ كانت مساوية للغرض الإلزاميّ، فقدّمه على الغرض الإلزاميّ لنكتة خارجيّة(2)، كأنْ يطابق جعله ما هو مركوز في ذهن العقلاء في أوامر الموالي العرفيّة من عدم الإلزام في الشبهات البدويّة، وثبوت قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) عندهم، وعدم رفع موضوعها عادةً عندهم بإيجاب الاحتياط، أو كأن يقال: بأنّ العبد لو اُلزِم في الشبهات البدويّة لأخذ يشعر بالضيق أزيد منه في موارد العلم الإجماليّ، فأصبح هذا مرجّحاً للترخيص هنا، ومن الواضح أنّ هذا لا يستلزم الترخيص في موارد العلم الإجماليّ؛ إذ قد لا تكون تلك النكتة موجودة فيها، وتكون نكتة اُخرى أوجبت


(1) إذا كان المفروض وجود علم إجماليّ بالترخيص في أحدهما، كما نعلم إجمالاً بالإلزام، فقوّة احتمال الترخيص فيه لا تختلف عن مورد انتفاء كلا العلمين، لأنّ العلم الإجماليّ بالإلزام الذي هو الموجب لضعف احتمال الترخيص، مزاحم بالعلم الإجماليّ بالترخيص، فلقائل أن يقول: إنّ جريان البراءة في مورد فقد العلمين يثبت بالملازمة جريانها في مورد ثبوت العلمين، بل وحتى لو لم يكن علم إجماليّ بالترخيص، فصحيح أنّ العلم الإجماليّ بالإلزام يوجب ضعف احتمال الترخيص، لكن بالإمكان قياس المورد بموارد الشّك البدويّ التي كان احتمال الترخيص فيها ضعيفاً بنفس المقدار على أساس أمارة اُخرى غير العلم الإجماليّ على الإلزام، مع فرض عدم حجّيّة تلك الأمارة، فيقال: إنّ البراءة في هذا المورد جارية، إذن يثبت بالملازمة جريانها في مورد العلم الإجماليّ الذي لم يكن احتمال الترخيص في كلّ طرف فيه بأضعف من مورد شكّ بدويّ من ذاك القبيل.

(2) وهذا لا ينافي دعوى كون السببيّة خلاف الظاهر، فإنّ المقصود من السببيّة التي تدّعى كونها خلاف الظاهر هو فرض تفريط المولى بنسبة من حفظ الأغراض الواقعيّة بسبب ملاك جديد غير تلك الملاكات الواقعيّة، وفي ما نحن فيه لم يفترض تفريط بالحفظ لملاك جديد، لأنـّنا فرضنا أنّ الغرض الترخيصيّ والغرض الإلزاميّ كانا متساويين في الدرجة، فتقديم أحدهما لنكتة خارجيّة لا يعني تفريطاً ببعض درجات حفظ الملاكات الواقعيّة، كي يكون خلاف الظاهر.