المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

51

إجمالاً ـ أيضاً ـ بوجود غرض ترخيصيّ، كما علمنا إجمالاً بوجود غرض إلزاميّ، أي: أنـّنا علمنا إجمالاً بأنّ أحد الإنائين نجس مثلاً يوجد غرض إلزامي في تركه، وعلمنا إجمالاً بأنّ الآخر طاهر مشتمل على غرض ترخيصيّ)، فنقول: إنـّه وإن كان محذور الترخيص في مورد الشبهات البدويّة عبارة عن الفوت الاحتماليّ للغرض الإلزاميّ، وفي مورد العلم الإجماليّ عبارة عن الفوت القطعيّ له، لكن محذور الإلزام ـ أيضاً ـ في الشبهات البدويّة عبارة عن الفوت الاحتماليّ للغرض الترخيصيّ، وفي العلم الإجماليّ عبارة عن الفوت القطعيّ للغرض الترخيصيّ، إذن فلو كان الغرض الترخيصيّ أهمّ، ولذا جعلت البراءة بلحاظ القسم الأوّل من التزاحم، فلا بدّ أن تجعل البراءة أيضاً بلحاظ القسم الثاني من التزاحم، لانحفاظ نفس تلك النسبة بين المتزاحمين، فدليل البراءة وإن كان بالمطابقة إنـّما يدلّ على تقديم الغرض الترخيصيّ بلحاظ القسم الأوّل من التزاحم، لكنّه يدلّ بالالتزام أيضاً على تقديمه بلحاظ القسم الثاني منه.

وتحقيق الكلام في هذا المقام هو: أنـّه لو بنينا على ما بنى عليه السيّد الاُستاذ وغيره، من كون الحكم الظاهريّ ناشئاً من ملاك في نفسه، فعدم الملازمة بين الترخيص بلحاظ القسم الأوّل من التزاحم والترخيص بلحاظ القسم الثاني واضح، إذ لعلّ الملاك موجود في الأوّل دون الثاني. وأمـّا لو بنينا على ما هوالمختار(1) من كون


(1) اختيار ذلك في مقابل السببيّة ينشأ إمّا من فرض عدم إمكان الجمع بين الحكم الظاهري والواقعيّ على السببيّة ثبوتاً، وإمّا من افتراض أنّ السببيّة خلاف ظاهر أدلّة الأحكام الظاهريّة. والأوّل مضى بحثه في مبحث الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ، وكان مختار اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)في الدورة التي حضرتها إمكان الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ على السببيّة، ونقل عن الدورة المتأخّرة عدوله عن ذلك في الأحكام الظاهريّة الترخيصيّة، راجع ذلك البحث في الجزء الثاني من القسم الثاني من كتاب مباحث الاُصول.

وأمـّا لو سلّمنا إمكان ذلك ثبوتاً، فالصحيح من الناحية الإثباتيّة أنّ السببيّة التي تكون خلاف ظاهر دليل الحكم الظاهريّ إنـّما هي السببيّة المحضة؛ لأنّ الدليل ظاهر في نظر الحكم الظاهريّ إلى الحكم الواقعيّ، وحفظ أغراضه ببعض مستويات الحفظ. وأمـّا فرض حظّ من السببيّة مع أخذ الطريقيّة إلى الأغراض الواقعيّة أيضاً بعين الاعتبار، وحفظها ببعض مستويات الحفظ، فليس خلاف الظاهر.