المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

496

الواقعي فاستصحاب عدم الابتلاء جار مطلقاً أي: حتّى على قول المشهور من اشتراط كون المستصحب حكماً شرعيّاً، أو موضوعاً لحكم شرعي.

وإن قلنا: إنّ موضوعه هو عدم العلم بعدم الابتلاء فالصحيح: أنّ الاستصحاب هنا غير جار حتّى إذا قيل بعدم لزوم كون المستصحب حكماً شرعيّاً، أو موضوعاً لحكم شرعي؛ وذلك لأنّ ما يذكرونه من حكومة دليل الاستصحاب على مثل دليل كلّ شيء طاهر المغيّى بالعلم مثلاً لإفادة الاستصحاب للعلم لو تمّ فإنّما هو فيما إذا جعل الدليل مغيّى بالعلم لفظاً، لا فيما إذا استفيدت غائيّة العلم بالدليل العقلي الدالّ على كون الحكم الطريقي مغيّى بالعلم، ولذا لا يقولون بحكومة دليل الاستصحاب على دليل حجيّة الأمارة، مع أنّ دليل حجيّة الأمارة يكون مغيّى عقلاً بالعلم بالخلاف؛ لأنّ الحكم الظاهري لا يتصوّر مع العلم لكونه حكماً طريقيّاً، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ دليل وجوب التعلّم لم يكن مغيّى بالعلم بعدم الابتلاء لفظاً، وإنّما استفيد ذلك من دليل العقل القائل: إنّ وجوب التعلّم باعتباره حكماً طريقياً لا يعقل ثبوته مع العلم بعدم الابتلاء، فهذا التخصيص تخصيص عقلي، وحكم العقل يتقدّر بمقدار ملاكه، وحكم العقل بملاكه في المقام إنّما هو بمقدار العلم الوجداني الثابت تكويناً، ودليل الاستصحاب لا يوجد علماً وجدانياً.

والخلاصة: أنّ دليل الاستصحاب لا يحكم على التخصيصات الثابتة بأدلّة عقليّة، وإنّما يحكم ـ لو حكم ـ على التخصيصات الثابتة بعناوين شرعيّة. وهذا التفصيل أصل موضوعي عندهم يأتي البحث عنه في محله ـ إن شاء اللّه ـ .

إذن فالاستصحاب في المقام على هذا التقدير لا يكون جارياً من دون حاجة الى التمسّك بمحذور التخصيص المستهجن وإن كان هذا المحذور ـ أيضاً ـ تامّاً، إلّا أنّ البحث كان صناعيّاً محضاً. وعليه، فالظاهر أنّه في موراد الشكّ في الابتلاء يجب الفحص احتياطاً.

هذا تمام الكلام في مسألة وجوب الفحص في الاُصول المؤمّنة وعدمه.