المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

483

الإشكال الثاني: ما في تقرير الشيخ محمد علي الكاظمي(قدس سره) من أنّ مصلحة القصر إن لم تكن مقيّدة بعدم المسبوقيّة بالتمام فلماذا لايعيدها قصراً؟! وإن كانت مقيّدة بذلك فلا مصلحة فيه عند الإتيان بالتامّ، والمفروض أنّه أتى بالتامّ، فهو لم يترك ما فيه المصلحة فلماذا يعاقب(1)؟!

والجواب: أنّ هذا خلط بين قيد الوجوب وقيد الواجب، فإنّ القصر إنّما يكون مقيّداً بعدم المسبوقيّة بالتمام على حدّ تقيّد الصلاة بالوضوء، لا على حدّ تقيّد الحج بالاستطاعة، والذي يكون مقيّداً بعدم المسبوقيّة بالتمام إنّما هو ترتّب المصلحة خارجاً على القصر، لا اتصاف القصر بكونه ذا مصلحة، والمحقّق النائيني (قدس سره) هو الذي حقّق ونقّح مصطلحات الاتّصاف بالمصلحة وترتّب المصلحة، وبيّن الفرق ووضّح جوانب المطلب بشكل دقيق، فلا يحتمل صدور مثل هذا الإشكال منه هنا، فلعلّ هنا قصوراً في عبارة التقرير أدّى الى إفادة العبارة مثل هذا المعنى، ويكون المقصود الحقيقي ما يرجع الى الإشكال الثالث.

الإشكال الثالث: ما في أجود التقريرات من أنّ مصلحة الجامع ومصلحة الخصوصيّة إن فرضتا مترابطتين لا يمكن التفكيك بينهما، لزم عدم صحّة التمام؛ لعدم واجديّته لمصلحة الخصوصيّة، وإن فرض الاستقلال لزم تعدّد العقاب مع أنّ تعدّد العقاب في المقام واضح البطلان(2).

أقول: إنّ تعدّد العقاب ـ سواء كان بمعنى تعدّد المستحَق بأن يفرض العقاب المستحَقّ على معصية واحدة عشرة أسواط مثلاً، ويكون معنى استحقاق عقابين استحقاق عشرين سوطاً مثلاً، أم بمعنى تعدّد الاستحقاق كما إذا فرض أنّ العقاب المستحَقّ على معصية واحدة ليس له حدّ، فللمولى أن يعاقب أيّ مقدار شاء، فلا معنى لتكثّر المستحَقّ بتكثّر المعصية، وإنّما يتأكّد بذلك نفس الاستحقاق ـ يكون ملاكه عبارة عن تعدّد ملاك العقاب الذي هو عبارة عن حقّ المولويّة المخالَف. وفي


نعم، هذا الوجه في الحقيقة يختلف عن حرفيّة كلام المحقّق الخراساني؛ لأنّه كان يفترض التضادّ بين الملاكين بمعنى: أنّ تحصيل ملاك الجامع مستقلاً هو الذي يمنع عن إمكانية تحصيل الزائد بعد ذلك؛ لأنّ الزائد بوحده غير قابل للتحصيل.

(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 102.

(2) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 335.