المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

481

إمكان تصوير صورة يجتمع فيها استحقاق العقاب مع الصحّة، واُخرى يقع إثباتاً في وجود الدليل على ذلك وعدمه بعد إثبات الإمكان. ونحن هنا نقتصر على البحث الثبوتي، وأمّا البحث الإثباتي فهو موكول الى مسألة الجهر والإخفات، وصلاة المسافر من كتاب الصلاة.

فنقول: قد ذكرت في مقام تصوير الجمع بين استحقاق العقاب مع صحّة العمل عدّة فرضيّات.

الفرضيّة الاُولى: ما في الكفاية من فرض تحليل مصلحة القصر الى أصل المصلحة وحدّها، فأصل المصلحة يكون في الجامع بين القصر والتمام، والدرجة الزائدة منها مختصّة بالقصر، والمقدار الزائد يكون بدرجة الإلزام، ويكون ذلك المقدار غير ممكن الاستيفاء بعد أن استوفى أصل المصلحة بالإتيان بالتمام، فالتمام منه صحيح؛ لاشتماله على أصل المصلحة، ولا يجب إعادة العمل لفرض عدم إمكان استيفاء الباقي، ومع ذلك يكون معاقباً؛ لأنّه هو الذي فوّت الباقي(1).

ثمّ أشكل على نفسه بأنّه يلزم من ذلك صحّة التمام حتّى في حال العلم، فدفع هذا الإشكال بإدخال فرضيّة جديدة في المقام: وهي أنّ أصل المصلحة إنّما هو في الجامع بين التمام في حال الجهل والقصر، لا الجامع بين القصر ومطلق التمام(2).

وقد اُوردت على هذا التصوير عدّة إشكالات:

الإشكال الأوّل: ما في الدراسات، وكأنّه موجود في أجود التقريرات بشكل مغمور، وهو عبارة عن مجرّد الاستبعاد، بدعوى: أنّ ما يتصوّر عقلائيّاً التضادّ بينها وعدم اجتماعها هي محصّلات الملاكات، وأمّا فرض التضادّ بين نفس الملاكات بحيث إذا استوفى العبد الملاك الأوّل لا يمكنه أن يستوفي الملاك الثاني، فهذا ممّا يستبعد عقلائيّاً، ويكون أشبه بأنياب الأغوال، ولم نَرَ مثل هذا الشيء في حياتنا الاعتياديّة(3).


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 261 حسب الطبعة المشتملة على تعليقة المشكيني.

(2) راجع الكفاية: ج 2، ص 262 حسب الطبعة المشتملة على تعليقة المشكيني.

(3) راجع الدراسات: ج 3، ص 315، والمصباح: ج 2، ص 507، وراجع ـ أيضاً ـ أجود التقريرات: ج 2، ص 335.