المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

479

الترتّب؛ إذ من الممكن الالتزام بوجوب القضاء بعد شهر رمضان قبيل الفجر بمقدار كاف للغسل. وإنّما يأتي هذا الكلام في مثل التعلّم مثلاً، حيث إنّه يفترض وجوب تعلّم أحكام القضاء من قبل شهر رمضان ومن أوّل البلوغ مثلاً، باعتبار أنّ تأخيره يؤدّي الى الغفلة والفوت ونحو ذلك.

وأمّا بلحاظ مرحلة الإثبات فبعد تسليم تلك الصناعات من الواجب المشروط والمعلّق يأتي إشكال إثباتي: وهو أنّ ظاهر أدلّة الأحكام كون وجوباتها مشروطة، وعدم تقدّم زمان الوجوب فيها على الزمان المخصوص للواجب، وإرجاع الشرط الى المادة مثلاً خلاف الظاهر. وهذا الإشكال لا يمكن دفعه إلّا بالتمسّك بإطلاق أخبار وجوب التعلّم بناءً على تماميّتها، بأن يقال: إنّنا نستكشف من إطلاق أخبار وجوب التعلّم لما يكون متوقّفاً على التعلّم قبل الوقت تحقّق الوجوب قبل الوقت لو انحصر الجواب بذلك.

والتمسّك بهذا الإطلاق لا يتمّ إلّا بتماميّة أمرين:

الأمر الأوّل: دعوى كون إطلاق دليل وجوب التعلّم شاملاً لكل ما هو واجب في نفسه بغض النظر عن توقّفه على التعلّم ولو فرض عدم وجوبه بالفعل لو ترك التعلّم لتوقّفه على التعلّم.

والأمر الثاني: دعوى كون إطلاق دليل التعلّم آبياً عن التخصيص، وأنّ مثل قوله: ﴿للّه الحجّة البالغة(1) ـ الظاهر في أنّ كلّ مخالفة تنشأ من ترك التعلّم يفحم العبد بها من قبل المولى، ويقال له: لِمَ لم تعمل؟ فيقول: لم أعلم، فيقال له: لِمَ لم تتعلّم؟ فتكون لله الحجّة البالغة ـ يأبى عن التقييد، وكيف تكون للّه الحجة البالغة مع فرض التقييد الموجب لكثرة وقوع المخالفة، والمفحم للمولى من قبل العبد عند مساءلته عنها بدلاً من إفحام العبد من قبل المولى؟!

وأمّا إذا قلنا بعدم إبائه عن التخصيص فيُخصّص بظهور دليل اشتراط الواجب بالشرط الذي لم يحصل بعد في كون الشرط راجعاً الى الهيئة لا المادّة، فإنّ هذا الظهور أقوى من ذاك الإطلاق في نفسه لو لم نقل بكونه باعتبار سياقه مثلاً إطلاقاً مستحكماً آبياً عن التقييد والتخصيص.

وأمّا القسم الثاني من الجواب: فهو أنّنا سلّمنا عدم كون الوجوب فعليّاً قبل


(1) سورة 6، الأنعام، آية 149.