المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

476

قيل مثلاً بأنّ المنجّزيّة تكون من ناحية العلم الإجمالي، فالعلم الإجمالي الملتفت إليه إجمالاً يكفي عقلاً في تنجيزه. ولو قيل بعدم جريان (قبح العقاب بلا بيان) قبل الفحص، فهنا ـ أيضاً ـ يحكم العقل بعدم قبح العقاب لما كان له من التفات إجمالي الى احتمال وجود أحكام إلزاميّة. ولو قيل بوجوب الفحص من ناحية أخبار وجوب التعلّم فنفس التفاته الإجمالي الى احتمال وجود تكاليف، أو القطع به كاف في دخوله تحت إطلاق دليل وجوب التعلّم حتّى بلحاظ ما هو غافل عنه بالفعل.

المورد الثاني: ما إذا كان الوقت وسيعاً فقد يقال: إنّ له أن يترك الفحص في أوّل الوقت، وإن فرض حصول الغفلة له في آخره لم يعاقب ـ عندئذ ـ على الترك؛ لأنّه في أخر الوقت كان غافلاً، وفي أوّل الوقت لم يكن يجب عليه الفحص والتعلّم لسعة الوقت، فعلى ماذا يعاقب؟! ومن هنا ذهب المحقّق الاصفهاني (قدس سره)(1) الى عدم العقاب في مثل هذا المورد.

لكنّ التحقيق هو: التفصيل بين ما إذا كان جازماً بأنّه سوف لا تحصل له الغفلة أو كان غافلاً عن ذلك، فهنا يجوز تأخير الفحص وما إذا كان محتملاً لطروّ الغفلة عند التأخير فضلاً عن الجزم به، فإنّه ـ عندئذ ـ يحكم العقل بلزوم الفحص، وإذا لم يفحص وآل الأمر الى ترك الواجب كان مستحقّاً للعقاب على الترك، ولم يكن شكّه في حصول الغفلة بتأخير التعلّم وعدمه مؤمِّنا له؛ لأنّ المؤمِّن إنّما هو الشكّ في أصل التكليف لا الشكّ في أنّه هل يلتفت بعد هذا فيفحص ويعمل أو لا.

المورد الثالث: ما إذا كان الواجب مؤقّتاً ولم يمكن الفحص والتعلّم في الوقت لضيق الوقت ونحوه، فأيضاً يمكن توهّم عدم وجوب التعلّم قبل الوقت؛ لأنّه قبل الوقت لم يحصل وجوب حتّى يترشّح ذلك الى التعلّم، وبعد الوقت لا يقدر على التعلّم فلا عقاب عليه.

وينبغي إخراج موردين عن محل البحث:

الأوّل: ما إذا كان يتمكّن في الوقت من الاحتياط، فهنا لا إشكال في عدم وجوب التعلّم قبل الوقت، فإذا لم يتعلّم يلزمه الاحتياط في الوقت.

والثاني: ما إذا لم يكن ترك التعلّم قبل الوقت مفوّتاً لأصل القدرة على الواجب في الوقت، وإنّما كان مفوِّتاً للامتثال القطعي له، كما إذا كانت أطراف العلم الإجمالي


(1) راجع نهاية الدراية: ج 2 بحسب الطبعة المقسّمة إلى ثلاثة أجزاء، ص 311.