المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

474

التجرّي بملاك آخر بأحد نحوين:

الأوّل: أن يحكم عقله العملي بأنّ ارتكاب ما يحتمل كونه ظلماً للمولى ظلم له بدرجة أخفّ، أي: أنّ للمولى حقّ أن لا يُرتكب ما يحتمل كونه ظلماً له، والمفروض أنّ العبد كان يحتمل كون مخالفته للحكم المشكوك ظلماً للمولى، بأن تكون الأمارة على طبق الواقع ثابتة، فيكون البيان تاماً، فيكون حقّ المولويّة ثابتاً.

الثاني: أن يحكم عقله العملي بأنّ للمولى قبل الفحص حقّاً آخر على العبد غير حقّ الطاعة أخفّ منه وهو: حقّ الجامع بين الاحتياط والفحص، فعند ترك العبد لذلك يستحقّ العقاب.

وأمّا على الفرض الثالث فلو قلنا: إنّ وجوب الاحتياط والفحص ينجّز الواقع ابتداءً فالعقاب ثابت على الواقع مطلقاً. ولو قلنا: إنّه ينجّز الواقع بتوسيط الأمارة فالعقاب ثابت عليه على تقدير وجود الأمارة.

والصحيح: هو أنّ وجوب الاحتياط والفحص وإن كان حكماً ظاهريّاً في طول حجّيّة الأمارة، ولذا لا يجب الفحص عن الأمارة مع فرض القطع بعدمها أو عدم حجيّتها، إلّا أنّ الأحكام الظاهريّة كلّها تنجّز الواقع ابتداءً ولو فرضت طوليّة، والمقصود بكونها طوليّة هو: كون بعضها أحكاماً تعيّن وظيفة العبد على تقدير الشكّ في بعضها الآخر كما في المقام، باعتبار أنّ الشكّ في الأمارة أوجب الفحص والاحتياط.

ويظهر ما ذكرناه من كون الأحكام الظاهريّة ولو كانت طوليّة منجّزة للواقع ابتداءً بذكر مقدّمتين:

الاُولى: أنّ الأحكام الظاهريّة إنّما هي ناشئة من نفس ملاكات الأحكام الواقعيّة عند التزاحم في مقام الحفظ كما بيّنا ذلك مفصلاً في مبحث الجمع بين الأحكام الظاهريّة والواقعيّة.

والثانية: أنّ الأحكام الظاهريّة الطوليّة لا توجد طوليّة بين ملاكاتها، وهذا ما يظهر من المقدّمة الاُولى؛ لأنّه إذا كان المفروض أنّ ملاك الأحكام الظاهريّة دائماً هو ملاك الواقع إذن فلا معنى لفرض الطوليّة بين ملاكات الأحكام الظاهريّة، بل هي في عرض واحد من حيث الملاك، فإنّ ملاك الجميع إنّما هو ملاك الواقع.

فإن قلت: إذن فكيف جاءت الطوليّة بين تلك الأحكام؟!

قلت: الطوليّة إنّما هي بلحاظ أوعية التزاحم وظروفها، لا بلحاظ نفس