المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

471

وبكلمة اُخرى: أنّ الأمر بوجوب الاحتياط تكليف مولوي بلزوم الاحتياط، لكنّه من المحتمل بشأنه كونه غير متضمّن لغرض وملاك واقعي؛ وذلك بأن لا يكون مطابقاً للواقع، إلّا أنّ العقل يحكم بلزوم الامتثال والخروج عن العهدة عند الشكّ في الملاك، وهذا قانون عقلي لا مناص عنه، وبتطبيقه على محلّ الكلام نستنتج وجوب امتثال التكليف المولوي بوجوب الاحتياط، فإن لم يفعل وصادف مخالفة الواقع كان عاصياً، وإلّا كان متجرّياً، فيعاقب على التجرّي إن قلنا بعقاب المتجرّي، وإن لم نقل به كما لا يقول به المحقّق النائيني (رحمه الله) فالعقاب إنّما يكون في خصوص ترك الاحتياط المصادف للواقع. وأمّا دعوى أنّ ضمّ ما لا يعاقب عليه الى ما لا يعاقب عليه لا ينتج ما يعاقب عليه، فليست برهاناً من البراهين، فإنّ ضمّ ما لا يكون ملاكاً مستقلاً الى ما لا يكون ملاكاً مستقلاً قد ينتج ملاكاً مستقلاً.

ثمّ إنّنا لسنا بحاجة الى كل هذا؛ لأنّنا ننكر قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) كليّة، وننكرها في خصوص موارد الشكّ قبل الفحص. ومن هنا نقول بأنّ العقاب يكون على مخالفة التكليف الواقعي.

متى يثبت العقاب؟

التنبيه الرابع: بعد البناء على أنّ العقاب على المخالفة قبل الفحص يكون على الواقع نتكلّم في أنّه هل يثبت العقاب على الواقع على تقدير وجود أمارة على طبقه بحيث لو فحص لظفر بها، أو أنّه يثبت العقاب عليه مطلقاً؟

ذكر المحقّق النائيني (رحمه الله)(1): أنّه إن كان الوجه في تنجيز الواقع ووجوب الفحص هو العلم الإجمالي، فالعقاب ثابت على الواقع مطلقاً؛ لأنّه قد تنجّز الواقع بنفس العلم الإجمالي المتعلّق به من دون توسيط للأمارة في تنجيزه، وأمّا إذا كان الوجه في ذلك هو الدليل الشرعي الدالّ على الحكم الطريقي الشرعي، وهو إيجاب الاحتياط والفحص شرعاً، فهذا ينجّز الواقع بتوسيط الأمارة؛ لأنّه دلّ الدليل على وجوب الفحص عن الأمارة والاحتياط بلحاظها، فالعقاب على الواقع إنّما يكون لو كان في الواقع أمارة على طبقه لو فحص لظفر بها، وإلّا لكان هذا الحكم الطريقي بلا روح.


(1) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 333، وفوائد الاُصول: ج 4، ص 101.