المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

468

أبعد من تخصيص دليل أصالة الطهارة. وكأنّ ذلك آب عن التخصيص بحسب النظر العرفي، بخلاف دليل أصالة الطهارة. على أنّه لو سلّم التعارض والتساقط فالنتيجة ـ أيضاً ـ عدم جريان أصالة الطهارة قبل الفحص.

فتحصّل: أنّ أصالة الطهارة في الشبهة الحكميّة لا تجري قبل الفحص بلحاظ هذا الوجه.

وأمّا الاستصحاب فقد يتوهّم أنّ دليله رافع لموضوع تلك الأخبار؛ لأنّ موضوعها هو الشبهة والشكّ، ودليل الاستصحاب يجعل المكلّف عالماً ويخرجه عن كونه شاكّاً.

إلّا أنّ هذا الكلام غير صحيح؛ وذلك أمّا في أخبار التوقّف فلأنّها بنفسها تدلّ على نفي الطريقيّة وجعل العلم، فإنّ معنى وجوب التوقّف هو: النهي عن البناء على أحد طرفي الشكّ، فهي معارضة لدليل الاستصحاب لا محكومة له، ولذا ذكرنا في بحث البراءة أنّ دليل الاستصحاب يقع طرفاً للمعارضة مع أخبار التوقّف لو تمّت، لا أنّه يكون حاكماً عليها.

وكذلك الحال بالنسبة لأخبار وجوب التعلّم، فإنّ عنوان التعلّم لا يصدق بالاكتفاء بالاستصحاب، وظاهر أخبار وجوب التعلّم هو: لزوم السؤال والفحص عن الحكم الواقعي للوصول إليه، والاستصحاب لا يكون إلّا أصلاً عمليّاً، والعلم التعبّدي لا يصدق عليه أنّه تعلّم، وقد دلّت أخبار التعلّم على عدم جواز مخالفة التكاليف الناشئة من ناحية ترك التعلّم، فلو كان يصدق على الاستصحاب أنّه تعلّم لكان رافعاً لموضوع تلك الأخبار، ولكن ليس الأمر كذلك(1).

 

ما يعاقب عليه عند ترك الفحص

التنبيه الثالث: لا إشكال في استحقاق العقاب في الجملة لو ترك الفحص وتورّط في مخالفة الواقع، إلّا أنّه وقع الكلام في أنّ العقاب هل هو على الواقع، أو على الخطاب بالفحص، أو الاحتياط الذي خالفه؟ فقيل بالأوّل، وقيل بالثاني، وذكر


(1) هذا مضافاً الى ما في كتاب السيّد الهاشمي ـ حفظه اللّه ـ من أنّ تقديم الاستصحاب النافي يستلزم لغويّة أدلّة وجوب التعلّم والتشديدات ا لواردة فيها؛ لأنّ أكثر الشبهات الحكميّة تكون مورداً للاستصحاب النافي.