المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

451

ويمكن الاستدلال على ذلك ـ أيضاً ـ بآية النفر، فإنّ إيجاب النفر والتفقّه في الدين يدلّ بالالتزام على إيجاب الفحص على الباقين.

الوجه التاسع: ما جاء في الدارسات من التمسّك بالأخبار الدالّة على وجوب التوقّف، وهي الأخبار التي استدلّ بها الأخباريون على وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبيّة والتحريميّة فيقال: إنّ هذه الأخبار تدلّ على وجوب الاحتياط قبل الفحص وبعده، وتعارضها أخبار البراءة المطلقة ـ أيضاً ـ لما قبل الفحص وما بعده، فتحمل الطائفة الاُولى على ما قبل الفحص والثانية على ما بعده، ونكتة هذا الحمل: هي أنّ جملة من الأخبار الدالّة على وجوب التوقّف وردت في موارد قبل الفحص، فيكون ما قبل الفحص هو المتيقّن منها، فتكون كالنصّ بالنسبة لما قبل الفحص، فتقيّد إطلاق دليل البراءة، ويخرج منها ما قبل الفحص، فيحمل دليل البراءة على ما بعده(1).

وهذا الوجه غير تام مبنىً وبناءً: أمّا مبنى ً فلما يأتي ـ إن شاء اللّه ـ في بحث التعادل والتراجيح من أنّه إذا كانت إحدى الطائفتين المتعارضتين بنحو التساوي نصاً في بعض الحصص دون بعض ولو باعتبار كونه هو المورد، فهذه النصوصيّة الناشئة من هذه المناشئ لا تكون منشأً للقرينيّة والتقديم والجمع العرفي.

وأمّا بناءً فلأنّه لو سلّم المبنى واعتُرف ـ أيضاً ـ بأخبار التوقّف وتماميّتها دلالة وسنداً، فسوف تتقدّم على حديث الرفع حتّى بعد الفحص؛ لأنّها أخصّ منه، فإنّ حديث الرفع يشمل ـ بحسب الدعوى ـ ما قبل الفحص وما بعده، ويشمل الشبهات الموضوعيّة والحكميّة معاً(2)، وأخبار التوقّف ـ أيضاً ـ تشمل ما قبل الفحص وما بعده، وتختصّ بالشبهات الحكميّة، فتقدّم عليه بالأخصيّة.

إلّا أنّ الصحيح: هو أنّ أخبار التوقّف في نفسها لم تتمّ سنداً ودلالة، إذن فكيف يمكن التمسّك بها على وجوب الاحتياط قبل الفحص في المقام؟!

هذا تمام الكلام في أدلّة وجوب الفحص في الشبهات الحكميّة.

 

 


(1) راجع الدراسات ج 3، ص 309، والمصباح ج 2، ص 494.

(2) ويشمل ـ أيضاً ـ موارد العلم الإجمالي بعد غضّ النظر عن الارتكاز العقلائي الذي يعدّ بمثابة القرينة المتّصلة، وعن ظهور دليل البراءة في إمضاء البراءة العقلائيّة الموجب لانصرافه عن موارد العلم الإجمالي، وعن ما قبل الفحص على حدّ سواء.