المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

353

فيقول بالانحلال بلحاظ عالم التطبيق بتقريب أنـّه إذا دار الأمر بين وجوب الإكرام من دون شرط زائد ووجوبه متقيّداً بتعقيبه بالدعاء مثلاً، فنحن نشير إلى شخص هذا الإكرام، ونقول: إمّا أنـّه يجوز الاكتفاء بهذا، أو يلزمنا ضمّ شيء آخر إليه، وهو تعقيبه بالدعاء، فتجري البراءة بلحاظ لزوم ضمّ شيء آخر إليه. وعليه، ففيما نحن فيه لا مجال للبراءة؛ إذ لو شككنا في أنّ الواجب هو إطعام حيوان أو إطعام إنسان لا يمكن الإشارة إلى إطعام حيوان بالخصوص بأن يقال: إمّا يجوز الاكتفاء بهذا، أو يلزمنا ضمّ شيء آخر إليه؛ حتّى نجري البراءة عن ذلك الشيء، بل إمّا يجوز الاكتفاء بهذا، أو يلزمنا تبديله بفرد آخر مباين له.

ولكنّك عرفت فيما مضى من دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر بلحاظ الأجزاء أو الشرائط ثبوت الانحلال الحقيقي في عالم العهدة، وفي مورد يتمّ ذلك لا نقع في المشكلة التي وقع فيها المحقّق العراقي (رحمه الله).

وفيما نحن فيه يتمّ أيضاً ما ذكرناه من الانحلال الحقيقي بلحاظ عالم العهدة على تمام المباني في باب علاقة النوع بالجنس، ومن دون فرق فيما بين تلك المباني في ذلك، عدا أنـّه يقع شيء من الاختلاف في كيفيّة بيان تماميّة ما ذكرناه من الانحلال الحقيقي باختلاف تلك المباني، ونقتصر هنا على ذكر المبنى المشهور في الفلسفة التقليديّة، وتوضيح تماميّة الانحلال الحقيقي مبنيّاً عليه.

وتوضيح ذلك: أنـّه يوجد إشكال في باب النوع المحدّد بالجنس والفصل كقولهم: (الإنسان حيوان ناطق) حيث يقال: إنّ الحدّ عين المحدود، ويقال ـ أيضاً ـ: إنّ مفهوم النوع بسيط، فعندئذ يظهر الإشكال، وهو: أنـّه هل يكون كلّ من الحيوان والناطق بإزاء جزء من الإنسان أو يكون كلّ منهما بإزاء تمام الإنسان؟ فعلى الأوّل يلزم تركّب مفهوم الإنسان، وعلى الثاني تلزم وحدة مفهوم الحيوان ومفهوم الناطق؛ إذ المفروض وحدة مفهوم الحيوان مع الإنسان، ووحدة الإنسان مع مفهوم الناطق.

وأجابوا عن هذا الإشكال: بأنّ هذا التعدّد الماهوي الموجود في الحيوان الناطق موجود أيضاً بنحو الكمون والإجمال في الإنسان ـ وهذا التعدّد الماهوي لا ينافي وحدة الوجود؛ إذ ليست كلّ من الماهيتين متحصّلتين؛ حتّى يلزم من تعدّدهما تعدّد الوجود، بل الجنس ماهيّة بالقوّة تتحصّل وتتحصّص بواسطة الفصل، فلا مانع من أن تتحصّل ماهيّة واحدة ووجود واحد ـ واختلاف مفهوم النوع عن مفهوم حدّه بالوحدة والتعدّد إنّما نشأ من اختلاف اللحاظ دون الملحوظ، فتارة يلحظ بلحاظ