المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

352

 

 

 

الدوران بين التعيين والتخيير

 

بقي الكلام في دوران الأمر بين التعيين والتخيير.

وبما أنّ التخيير تارة يكون عقليّاً بأن يأمر بجامع عرفي بين أفراده، فيحكم العقل بالتخيير بينها؛ لتساوي نسبة الجامع إليها، واُخرى يكون شرعيّاً، كما إذا لم يكن جامع عرفي بينها يُوجّه الأمر إليه، فاستعان المولى في مقام تفهيم التخيير بمثل العطف بــ (أو) . فالكلام يقع في مقامين:

 

التعيين والتخيير العقلي

المقام الأوّل: في دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقلي، وهذا تارة يكون بلحاظ المتعلّق، كما إذا دار الأمر بين وجوب الإكرام بقول مطلق، أو وجوب إكرام مخصوص، وهو الإطعام مثلاً، واُخرى بلحاظ متعلّق المتعلّق: كما إذا دار الأمر بين وجوب إطعام حيوان بالمعنى الشامل للإنسان ووجوب إطعام حيوان خاص، وهو الإنسان مثلاً.

والصحيح في كلا القسمين ـ مادمنا نفترض أنّ الجامع جامع حقيقي، فهو مطلوب ولو ضمن قسم من أقسامه ـ هو الانحلال حقيقة، والرجوع إلى البراءة بلحاظ الشكّ في الزيادة في عالم العهدة، ولا حاجة إلى التنزّل إلى الانحلال الحكمي بلحاظ عالم الامتثال والتطبيق.

وذهب المحقّق العراقي (رحمه الله)(1) إلى عدم الانحلال؛ بناءاً على مسلكه الذي مضى منّا ذكره في فرض دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر بلحاظ الشرائط، حيث قلنا: إنّه (قدس سره) كأنّه يرى التباين بلحاظ نفس الوجوب، باعتبار إدخال الحدود في الحساب،


(1) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 396 - 399، والمقالات: ج 2، ص 100 ـ 101.