المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

350

فرض الإطلاق أمراً وجوديّاً؛ لما مضى من أنّ الإطلاق ليس له ما بإزاء في محكيّ الصورة، وإنّما شغله عبارة عن أن يجعل الصورة أوسع انطباقاً وحكاية عمّا في الخارج، وبهذا يتّضح الحال في نسبة العتق إلى الرقبة وإلى الرقبة المؤمنة، فهما مع ملاحظة تلك الحدود متباينتان، ومع إلغاء الحدود تكونان أقلّ وأكثر.

ثمّ إنّ المحقّق العراقي (رحمه الله) ذكر في المقام تفصيلاً في فرض دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر بلحاظ شرائط متعلّق المتعلّق، لكنّه يظهر ببيان نكتة التفصيل أنـّه لو تمّ لجرى في شرائط المتعلّق أيضاً، وقبل ذكر هذا التفصيل نذكر مقدّمتين:

الاُولى: أنّ تلوّن الشيء بلون الإطلاق تارة، وبلون التقييد اُخرى إنّما هو بلحاظ عالم الجعل، وأمـّا بلحاظ عالم التطبيق فلا يتّصف الشيء بالإطلاق والتقييد، وإنّما يتّصف بالفقدان والوجدان، فالرقبة مثلاً في عالم جعل وجوب العتق إمـّا مطلقة أو مقيّدة بالإيمان، وأمـّا في عالم التطبيق فهي إمّا واجدة للإيمان أو فاقدة له، ولا يتصوّر فيها الإطلاق والتقييد.

والثانية: أنّ هنا اختلافاً جوهريّاً بين الانحلال الذي نحن اخترناه في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر بلحاظ الأجزاء، والانحلال الذي اختاره المحقّق العراقي (رحمه الله)في ذلك؛ فإنّنا اخترنا الانحلال بلحاظ نفس التكليف، وبحسب عالم العهدة، حيث قلنا: إنّه لو لوحظ ذات التكليف ملغيّاً عنه حدوده؛ لأنّها لا تدخل في العهدة، تردّد لا محالة بين الأقلّ والأكثر، ويكون الزائد مشكوكاً بالشكّ البدوي، لكنّ المحقّق العراقي لا يقول بالانحلال بهذا المعنى، وإنّما يقول بالانحلال بمعنىً آخر، وهو (قدس سره)لم يصرّح في مقام تقريب الانحلال بذلك، ولكنّنا نقتنص هذا المبنى له من كلامه فيما اختاره فيما نحن فيه من التفصيل، فهو (رحمه الله)لا يقول بالانحلال بلحاظ نفس التكليف باعتبار عالم العهدة، فكأنّه (قدس سره)يأخذ الحدود بعين الاعتبار مثلاً، فيصبح الأمر دائراً بين المتباينين، وإنّما يقول بالانحلال بلحاظ عالم الامتثال والتطبيق؛ لأنّه لابدّ له بحسب عالم الامتثال والتطبيق من الإتيان بالأجزاء التسعة، ويشكّ في لزوم ضمّ جزء آخر إليها وعدمه، فالأمر بلحاظ عالم الامتثال والتطبيق دائر بين الأقلّ و الأكثر، ويكون الزائد مشكوكاً بالشكّ البدوي ومنفيّاً بالبراءة.

إذا عرفت هاتين المقدّمتين ظهرت لك نكتة التفصيل فيما نحن فيه، حيث فصّل المحقّق العراقي بين ما إذا كان القيد المشكوك بنحو يكون كلّ فرد من أفراد الطبيعي قابلاً للاتّصاف به كالإيمان ونحوه بالنسبة للرقبة، وبين ما لا يكون كذلك