المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

349

أو من قبيل التأنّي، فهنا يأتي ما ذكرناه في بحث الأجزاء من أنـّه إن لوحظ كلّ ما في عالم التكوين من التكليف بحدوده كان العلم الإجمالي دائراً بين المتباينين، ولكن الحدود لا تدخل في العهدة، فنسقطها من الحساب، ونلحظ ذات الحكم، فعندئذ نرى الأمر دائراً بين الأقلّ والأكثر، فإنّنا قد شككنا في أنّ الوجوب هل عرض على ذات الواجب بمعناه الاسمي فحسب أو انبسط على التقيّد بالشرط بالمعنى الحرفي؟ وهذا هو دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، كما هو الحال في باب الأجزاء، وإنّما الفرق بين البابين: هو أنـّه مضى في باب الأجزاء أنّ النفس تخلق في الواجب الارتباطي عنواناً وحدانيّاً، وهو عنوان المجموع والكلّي، وتُلبِس هذا العنوان على ما في الخارج استطراقاً إلى أن يعرض عليه وجوب واحد، وقلنا: إنّ العلم الإجمالي وإن كان ـ بلحاظ هذا اللباس الوحداني ـ أمره دائراً بين المتباينين، لكنّ الذي يدخل في العهدة إنّما هو ذو اللباس لا اللباس، وذو اللباس أمره دائر بين الأقلّ والأكثر، أمـّا فيما نحن فيه فلا حاجة الى أن تخلق النفس عنواناً وحدانيّاً تلبسه على ما في الخارج؛ وذلك لأنّ الدخيل في الواجب في باب الشروط إنّما هو تقيّد الفعل بذلك الشرط، وهو معنىً حرفي مندكّ في المعنى الإسمي، ومتّحد معه في الوجود، فلا حاجة الى عروض لون الوحدة على الواجب باعتبار عنوان وحداني تخلقه النفس، فهذا فرق بين باب الأجزاء والشرائط، إلّا أنّ هذا الفرق ليس فارقاً فيما هو المقصود كما هو واضح.

وإن فرض الشرط المحتمل شرطاً لمتعلّق المتعلّق كالإيمان بالنسبة للرقبة فالصحيح أنـّه ـ أيضاً ـ يأتي في ذلك عين ما ذكرناه، من أنـّه إن لوحظ الحكم بحدوده كان دائراً بين المتباينين، ولكن الحدود لا تدخل في العهدة، فالمتعيّن هو لحاظ ذات الحكم، وعندئذ نراه دائراً بين الأقلّ والأكثر، وتوضيح ذلك: أنّ نسبة العتق إلى الرقبة أو إلى الرقبة المؤمنة معنى حرفي واقع تحت الوجوب، ويقع الكلام في أنّ هاتين النسبتين هل هما متباينتان، أو هما من قبيل الأقلّ والأكثر؟ وقد حقّقنا في بحث المعاني الحرفيّة: أنّ تباين المعاني الحرفيّة يكون بتباين بعض الأطراف. وعليه ففيما نحن فيه يكون تباين هاتين النسبتين بتباين طرفيهما، وهما: الرقبة والرقبة المؤمنة، فيجب نقل الكلام إلى متعلّق المتعلّق، وهو الرقبة والرقبة المؤمنة، وهما مطلق ومقيّد. وقد عرفت أنّ المطلق والمقيّد وإن كانا لو لوحظا بحدّيهما كانا متباينين، ولكن لو لوحظا بذاتيهما وبالمقدار الذي يدخل في العهدة فهما أقلّ وأكثر، حتّى لو