المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

330

وعلى أيّة حال فالمحقّق العراقي (رحمه الله) بعد أن ذكر في المقام هذا الإشكال المانع عن جريان البراءة بعد الشروع في الركوع أجاب عنه بجوابين، نحن نذكر الثاني منهما أوّلاّ، والأوّل ثانياً فنقول:

الجواب الأوّل: ما يكون حاصل النكتة فيه بعد حذف الزوائد: أنّ هذا العلم الإجمالي إنّما حصل في طول عمله بما كان معذوراً فيه من ترك السورة، وما وقع من المكلّف معذوراً فيه وخالياً عن القبح يستحيل أن ينقلب في المرتبة المتأخّرة عن وقوعه إلى القبيح وغير المعذور عنه.

ويرد عليه: أنّ هذا العلم الإجمالي إنّما هو في طول تركه للسورة في هذه الصلاة، وما يتكلّم في أنـّه هل هو معذور فيه أو لا ليس هو تركه للسورة في هذه الصلاة، بل تركه لها في هذه الصلاة ليس مخالفاً لأمر المولى بالصلاة مع السورة في نفسه، بلا حاجة إلى التمسّك بالبراءة؛ إذ يمكنه أن يصلّي بعد هذه الصلاة صلاة مع السورة، والأمر بالصلاة مع السورة إنّما أوجب طبيعيّ الصلاة مع السورة في تمام الوقت، لا خصوص هذه الصلاة، فلو كان هذا العلم الإجمالي في طول ترك السورة في تمام الوقت، وهو الذي يؤمّننا عنه دليل البراءة، صَحّ ما ذكر: من أنّ العلم الإجمالي الحاصل في طول ذلك لا يوجب قبح ما تحقّق في السابق خالياً عن القبح في المرتبة السابقة، فلا يؤثّر هذا العلم الإجمالي إلّا مع فرض عامل جديد في المقام، وهو الأمر بالقضاء، فإنّه ـ عندئذ ـ يعلم إجمالاً بوجوب إتمام هذه الصلاة أو القضاء.

الجواب الثاني: أنّ هذا العلم الإجمالي الحاصل بعد دخوله في الركوع لا ينجّز؛ لأنّ أحد طرفيه ـ وهو وجوب الاتمام بالإتيان بالركوع وما بعده من الأجزاء إلى آخر الصلاة ـ كان منجّزاً عليه من قبل؛ لأنّه قبل أن يركع يُوجد له ـ إضافة إلى علمه الإجمالي الثابت من قبل الصلاة بوجوب طبيعي تسعة أجزاء أو عشرة في تمام الوقت ـ علم إجمالي آخر، وهو العلم بوجوب السورة في خصوص هذه الصلاة وما بعدها من الأجزاء إلى آخر الصلاة، أو وجوب الركوع فيها وما بعده من الأجزاء إلى آخر الصلاة؛ وذلك لعلمه بوجوب الاتمام، وهذا العلم الإجمالي مردّد أيضاً بين أقلّ وأكثر، وينحلّ إلى العلم بالأقلّ، وهو وجوب الركوع وما بعده من الأجزاء إلى آخر الصلاة الذي هو في نفس الوقت أحد طرفي العلم الإجمالي الحاصل له بعد الدخول فى الركوع، والشكّ في الزائد، وهو السورة، فالأقلّ قد تنجّز عليه قبل الركوع،