المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

323

وأورد عليه السيّد الاُستاذ(1): بأنّ هذا إنّما يتمّ في الغرض الأقصى، ولكن هنا غرض أدنى مباشر لفعل المكلّف الذي هو مقدّمة إعداديّة، وذلك الغرض هو نفس حصول الإعداد بمقدار هذه المقدّمة للغرض الأقصى، وهذا الغرض نسبته إلى الفعل نسبة المعلول إلى علّته، فعاد الإشكال.

هذا ما أفاده السيّد الاُستاذ.

ولكنّنا نكمل هنا تسلسل البحث بأن نقول: إنّ الغرض الإعدادي الأدنى لم يثبت كونه أمراً وحدانيّاً يترتّب على مجموع الأجزاء، فلعلّه يترتّب على كلّ جزء من هذه الأجزاء غرض إعدادي، بأن يكون كلّ واحد منها مُعِدّاً بقدره للمكلّف للوصول إلى الغرض الأقصى، وإنّما صار المجموع واجباً واحداً ارتباطيّاً بالرغم من تعدّد الأغراض المباشرة بتعدّد الأجزاء؛ لأنّ تلك الاغراض إنّما تكون غرضيّتها لأجل ذلك الغرض الأدنى الوحداني، فالواجب واحد ارتباطي لوحدة الغرض الأقصى، ولكن مع ذلك تكون الاغراض المباشرة المترتّبة على نفس الأفعال متعدّدة بتعدّد الأفعال.

وهذا هو ما قلناه منذ البدء من احتمال دوران الغرض بين الأقلّ والأكثر.

إلّا أنّ هذه الفرضيّة فيها نقطة ضعف: وهي أنّ المحقّق النائيني(قدس سره)فرض الغرض الأقصى بنحو يستدعي الإتيان بكلّ ما له من مقدّمات اختياريّة، وإنّما لم يجب تحصيله بإتيان تمام المقدّمات؛ لأنّ بعض مقدّماته غير اختياريّة، وإذا كان الأمر كذلك فعند الشكّ في كون فعل اختياري خاصّ داخلاً في مقدّمات ذلك الغرض وعدمه يكون ذلك مجرى للاشتغال، وحكم العقل بوجوب حفظ الغرض بهذا المقدار، أي: بمقدار سدّ أبواب عدمه، ولو الاحتماليّة الداخلة تحت قدرة المكلّف.

الفرضيّة الثانية: هي عين الفرضيّة الاُولى ـ أعني فرضيّة تعدّد الأغراض المباشرة المترتّبة على الأجزاء المتعدّدة ـ لكن بعد تجريدها عن نقطة الضعف التي عرفت، بأن يفرض أنّ الغرض الأقصى ليس بنحو يطلب سدّ جميع أبواب عدمه الاختياريّة، فالشارع إنّما أوجب بعض الأفعال الاختياريّة التي هي مقدّمة لذلك الغرض؛ لإتمامها لمصلحة التسهيل، أو غيرها من النكات، فقد ترى المولى يأمر


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 276 ـ 277، ومصباح الاُصول: ج 2، ص 437.